وقال الزجاج (١) : المعنى : ليس سجين مما كنت تعلمه أنت ولا قومك ، ثم فسره فقال : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) أي : مكتوب.
وقال غيره : "(مَرْقُومٌ)" أي : مثبت عليهم ، كالرّقم في [الثوب](٢) لا يمحى حتى يجازوا به.
قال صاحب الكشاف (٣) : " سجين" كتاب جامع ، وهو ديوان الشر ، دوّن الله فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة والفسقة من الجن والإنس ، وهو كتاب مرقوم مسطور بيّن الكتابة ، أو معلم يعلم من رآه أنه لا خير فيه. فالمعنى : أن ما كتب من أعمال الفجار مثبت في ذلك الديوان. وسمي سجّينا : فعّيلا من السّجن ، وهو الحبس والتضييق ؛ لأنه سبب الحبس والتضييق في جهنم ، أو لأنه مطروح كما روي تحت الأرض السابعة في مكان وحش مظلم ، وهو مسكن إبليس وذريته استهانة به وإذالة ، وليشهده الشياطين المدحورون ، كما يشهد ديوان الخير الملائكة المقربون.
وقال الواحدي (٤) : ذكر قوم أن قوله : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) تفسير للسّجّين ، وهو بعيد ؛ لأنه ليس السجين من الكتاب المرقوم في شيء ، على ما حكينا عن المفسرين ، فالوجه أن يجعل هذا بيانا للكتاب المذكور في قوله : (إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ) ، على تقدير : هو كتاب مرقوم.
قوله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) قال صاحب النظم : هذا منتظم بقوله :
__________________
(١) معاني الزجاج (٥ / ٢٩٨).
(٢) في الأصل : الثبوت. والتصويب من ب.
(٣) الكشاف (٤ / ٧٢٢).
(٤) الوسيط (٤ / ٤٤٤).