قال قتادة : يحفظون عملك ورزقك وأجلك ، إذا توفّيته يا ابن آدم قبضت إلى ربك (١).
ثم نبّه على البعث بقوله : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ) أي : فلينظر منكر البعث ببصيرته نظر تفكر واستدلال ، من أيّ شيء خلقه الله؟!.
وجواب هذا الاستفهام قوله : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) وهو المني. والدّفق : صبّ فيه دفع. والمعنى : مدفوق.
قال الفراء (٢) : هو كقول العرب : سر كاتم ، وهمّ ناصب ، وليل نائم ، وعيشة راضية ، وأهل الحجاز يجعلون المفعول فاعلا.
وقال الزجاج (٣) : مذهب سيبويه وأصحابه أن معناه : النسب إلى الاندفاق. المعنى : من ماء ذي اندفاق.
قال الزمخشري (٤) : ومعنى دافق : النسبة إلى الدفق الذي هو [مصدر](٥) دفق ، كاللّابن والتّامر ، أو الإسناد المجازي. والدفق في الحقيقة لصاحبه ، قال : ولم يقل ماءين ؛ لامتزاجهما في الرحم ، واتحادهما حين ابتدئ في خلقه.
قوله : (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) قال الفراء (٦) : يخرج من الصلب
__________________
(١) أخرجه الطبري (٣٠ / ١٤٣). وذكره السيوطي في الدر (٨ / ٤٧٤) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) معاني الفراء (٣ / ٢٥٥).
(٣) معاني الزجاج (٥ / ٣١١).
(٤) الكشاف (٤ / ٧٣٦).
(٥) زيادة من الكشاف ، الموضع السابق.
(٦) معاني الفراء (٣ / ٢٥٥).