والافناء من قبيل مداولة الأيام ـ والقصد فى أمثاله ونقائضه ليس الى اثبات علمه تعالى ونفيه بل الى اثبات المعلوم فى الخارج ونفيه على طريقة البرهان لان علم الله تعالى لازم للمعلوم وبالعكس ونفى المعلوم مستلزم لنفى العلم كيلا ينقلب العلم جهلا فاطلق الملزوم وأريد به اللازم فمعنى الاية ليتحقق امتياز المؤمنين من غيرهم عند الناس ـ وقيل معناه ليعلم الله علما يتعلق به الجزاء وهو العلم بالشيء موجودا (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) اى يكرم ناسا منكم بالشهادة يريد شهداء أحد ـ او المعنى وليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة بالثبات والصبر على الشدائد ـ اخرج ابن ابى حاتم عن عكرمة قال لما ابطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فاذا رجلان مقبلان على بعير فقالت امراة ما فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالا حى قالت فلا أبالي يتخذ الله من عباده شهداء ـ فنزل القران على ما قالت (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (١٤٠) الكافرين المنافقين الذين لم يظهر منهم الثبات على الايمان جملة معترضة بين المعطوفين وفيه تنبيه على ان الله لا ينصر الكافرين على الحقيقة وانما يغلبهم أحيانا استدراجا لهم وابتلاء للمؤمنين. (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ) التمحيض التطهير والتصفية (الَّذِينَ آمَنُوا) من الذنوب (وَيَمْحَقَ) المحق نقض الشيء قليلا قليلا (الْكافِرِينَ) (١٤١) يعنى ان كانت الدولة على المؤمنين فللتميز والاستشهاد والتمحيص وان كانت على الكافرين فلمحقهم ومحو اثارهم. (أَمْ حَسِبْتُمْ) أم منقطعة بمعنى بل احسبتم (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ) والاستفهام للانكار (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) يعنى ولما يتحقق الجهاد من بعضكم (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (١٤٢) نصب بإضمار ان والواو للجمع كما فى نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن او جزم للعطف على يعلم الله وحركت الميم لالتقاء الساكنين بالفتح لفتحة ما قبلها ـ اخرج ابن ابى حاتم من طريق العوفى عن ابن عباس ان رجالا من الصحابة كانوا يقولون ليتنا نقتل كما قتل اصحاب بدر او ليت لنا يوما ليوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلى فيه خيرا او نلتمس الشهادة والجنة والحيوة والرزق فاشهدهم الله أحدا فلم يلبثوا الا من شاء الله منهم فانزل الله تعالى. (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) فى سبيل الله