قوله تعالى (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) صار نازلا فى هذا المقام حيث القى الرعب فى قلب ابى سفيان ومن معه ـ قلت وجاز ان يكون الغم الثاني ما روى انه لمّا أخذ ابو سفيان وأصحابه الرحيل الى مكة اشفق رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون من ان يغير المشركون على المدينة فيهلك الذراري والنساء فبعث رسول الله صلى الله عليا وسعد بن ابى وقاص لينظرا فقال ان ركبوا الإبل وجنبوا الخيل فهو الظعن وان ركبوا الخيل وجنبوا الإبل فانهم يريدون المدينة فهى الغارة والذي نفسى بيده لان ساروا عليها لا سيرن إليهم ثم لاناخرنهم فسار على وسعد وراءهم فاذا هم قد ركبوا الإبل وجنبوا الخيل بعد ما تشاوروا فى نهب المدينة فقال صفوان بن امية لا تفعلوا وقيل معنى الاية فاثابكم غما بسبب غم اذقتم النبي صلىاللهعليهوسلم بعصيانكم له (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من الفتح والغنيمة (وَلا ما أَصابَكُمْ) من القتل والجرح والهزيمة ولا زائدة ومعناه لكى تحزنوا على ما فاتكم وما أصابكم ـ وقيل معنى الاية اثابكم غما بغم لتمتروا على الصبر فى الشدائد فلا تحزنوا فيما بعد على نفع فائت ولا على ضر لا حق ـ قلت وجاز ان يكون المعنى فاثابكم الله غما بغم يعنى اعطاكم الله ثواب غم متصلا بغم وأخبركم بذلك على لسان نبيكم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم بل تفرحوا بثوابه ـ وقيل الضمير المرفوع فى اثابكم للرسول صلىاللهعليهوسلم اى فاساءكم فى الاغتمام من اسيته بمالى اى جعلته أسوتي فيه ـ والباء للسببية او البدلية يعنى اغتم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما نزل عليكم كما اغتممتم ولم يثربكم على عصيانكم تسلية لكم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٥٣) عالم بأعمالكم وبما قصدتم بها. (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ) يا معشر المسلمين (مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً) يعنى اطمينانا فى القلوب وسكينة يدركه الصوفي عند نزول الرحمة (نُعاساً) بدل اشتمال من امنة ـ وجاز ان يكون مفعولا لا نزل وامنة حال منه مقدم عليه ولعل النعاس هاهنا عبارة عن استغراق يحصل للصوفى عند نزول الرحمة بحيث يغفل عما سواه لكمال مشابهته بالنعاس (يَغْشى) قرا حمزة وخلف ابو محمد والكسائي بالتاء ردا الى الامنة والباقون بالياء ردا الى النعاس (طائِفَةً مِنْكُمْ)