قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) ومعنى كونه من أنفسهم يعنى من جنسهم عربيّا مثلهم ليفهموا كلامه بسهولة ويكونون واقفين على حاله فى الصدق والامانة مفتخرين به ـ عن سلمان قال قال لى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تبغضني فتفارق دينك قلت يا رسول الله كيف أبغضك وبك هدانا الله قال تبغض العرب فتبغضنى رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن ـ وقيل أراد به جميع المؤمنين كما فى قوله تعالى (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) يعنى من الانس دون الملائكة حتى يتحقق التأثير والتأثر لكمال المناسبة قال الله تعالى (لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً). (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) يعنى القران بعد ما كانوا جهالا (وَيُزَكِّيهِمْ) اى يطهر قلوبهم عن العقائد الفاسدة والاشتغال بغير الله ونفوسهم عن الرذائل وأبدانهم عن الأنجاس والاخباث والأعمال القبيحة (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ) يعنى العلوم المستنبطة من الكتاب او ما يصلح ان يكتب فى الصحف (وَالْحِكْمَةَ) العلوم الحقة المستحكمة التي يستفيدها الحكيم من الحكيم بلا توسط كتاب ولا بيان (وَإِنْ كانُوا) مخففة من المثقلة واسمه ضمير الشأن يعنى انه كانوا (مِنْ قَبْلُ) بعثته (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١٦٤) اى ظاهر. (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ) يوم أحد من قتل سبعين والهزيمة (قَدْ أَصَبْتُمْ) يوم بدر من الكفار (مِثْلَيْها) روى احمد والشيخان والنسائي عن البراء قال أصاب المشركون منا يوم أحد سبعين وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه أصابوا من المشركين يوم بدر أربعين ومائة سبعين أسيرا وسبعين قتيلا ـ قلت جعل الله سبحانه الأسير مثل القتيل لكونهم قادرين على قتلهم وكان قتلهم هو المرضى من الله تعالى وانما كان عدم القتل باختيارهم الفداء من عند أنفسهم ـ والظرف يعنى لما متعلق بقوله تعالى (قُلْتُمْ) متعجبين انّى هذا الهزيمة والقتل علينا ونحن مسلمون وفينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم والهمزة لانكار هذا القول والمنع عنه والجملة معطوفة على ما سبق من قصة أحدا ما على قوله (لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ) يعنى لقد صدقكم الله وعده وقلتم انى هذا حين المصيبة واما على قوله (اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ) ويحتمل العطف على قوله (لَقَدْ مَنَّ اللهُ) يعنى وجود الرسول صلىاللهعليهوسلم منه منه تعالى عليكم وأنتم تريدون ان تنسبوا اليه المصيبة وتجعلوها بسببه او معطوف على محذوف تقديره انما وعدكم النصر بشرط الصبر والتقوى لم تصبروا ولما أصابتكم مصيبة قلتم انى هذا او تقديره أتنازعتم