يعنى الصغائر والتفعيل للتكثير فان وقوع السيئات يغلب يعنى استرها مرة بعد اخرى (وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) (١٩٣) جمع برّا وبارّ بمعنى الصادق وكثير الخير والمتسع فى الإحسان ـ ومعنى التوفى مع الأبرار التوفى حال الاختصاص بصحبتهم معدودين فى زمرتهم لا المعية الزمانية فان ذلك غير متصور عادة ولا مفيد ـ ولم يقل وتوفنا بارين هضما لانفسهم وإعدادا لانفسهم غير بارين وفيه نهاية الخضوع وهو المحبوب عند الله تعالى ـ فان قيل هذا سوال الموت وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن تمنى الموت والدعاء به من قبل ان يأتيه كما ذكرنا فى تفسير سورة البقرة فى قوله تعالى فتمنّوا الموت ان كنتم صدقين قلنا قد ذكرنا تحقيق المسألة هناك ان التمني بالموت انما لا يجوز إذا كان لضر نزل به فى مال او جسم او نحوه لا مطلقا على ان المقصود من هذا الدعاء هاهنا الدعاء باستدامة وصف البر والإحسان ابدا الى وقت الموت وحلول الاجل وليس الغرض منه السؤال بتعجيل الموت كما ان قوله تعالى (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) ليس المقصود منه النهى عن الموت فانه غير مقدور للعبد بل النهى عن حال غير حال الإسلام فى شىء من الازمنة حتى يأتيه الموت عند حلول اجله وهو مسلم ـ. (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا) من الثواب فى الجنة والروية والرضاء ومراتب القرب والنصر على الأعداء فى الدنيا (عَلى رُسُلِكَ) على تصديق رسلك او المعنى ما وعدتنا على السنة رسلك او متعلق بمحذوف تقديره ما وعدتنا منزلا على رسلك وجاز ان يكون على بمعنى مع يعنى اتنا مع رسلك وشاركهم معنا فى أجرنا والغرض منه أداء حق الرسالة وتكثير فضل أنفسهم ببركة مشاركة الرسل والمراد بضمير المتكلم فى قوله ما وعدتنا معشر المسلمين يعنى اتنا ما وعدت المسلمين الصالحين فهذا السؤال ليس مبنيا على الخوف من خلف الوعد منه تعالى عن ذلك بل مخافة ان لا يكون السائل من الموعودين بسوء عاقبته نعوذ بالله منها او لقصور فى إيمانه وطاعته وجاز ان يكون هذا السؤال تعبدا واستكانة فان الله غالب على امره يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يسئل عمّا يفعل وهم يسئلون وقيل لفظه دعاء ومعناه الخبر اى لتؤتينا تقديره (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ) لتوتينا (ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) من الفضل والرحمة ـ وقيل انما سالوا تعجيل ما وعدهم الله من النصر على الأعداء قالوا معناه قد علمنا انك لا تخلف وعدك من النصر لكن لا صبرلنا