على صدق النبي صلىاللهعليهوسلم فى دعوى نبوته فانه لم يكن عالما بتلك القصص واخبر على ما كان عند اهل العلم منهم (وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) (٥٨) اى القران ذى الحكمة وقال مقاتل الحكيم المحكم الممنوع من الباطل وقيل الذكر الحكيم هو اللوح المحفوظ وهو معلق بالعرش من درة بيضاء طوله ما بين السماء الأرض. (إِنَّ مَثَلَ عِيسى) يعنى شأنه الغريب (عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) كشأنه ثم فسره وبين وجه التشبيه فقال (خَلَقَهُ) اى صور قالبه يعنى آدم (مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ) اى لذلك القالب (كُنْ) بشرا حيّا (فَيَكُونُ) (٥٩) حكاية عن الحال الماضية او المعنى قدر خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون وجاز ان يكون ثم لتراخى الخبر عن الخبر دون المخبر يعنى اخبر اولا انه خلق آدم من تراب ثم اخبر بانه انما خلقه بان قال له كن فكان يعنى لم يكن هناك اب ولا أم ولا حمل ولارضاع ولا فطام ـ فشأن عيسى فى الغرابة شابه شأن آدم من حيث كونه بلا اب فقط وشأن آدم اغرب منه بوجوه فشبه الغريب بالاغرب وما هو خارق للعادة بالاخرق ليكون اقطع لنزاع الخصم واحسم لمادة الشبهة ـ نزلت الاية فى وفد نجران لما قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم مالك تشتم صاحبنا قال ما أقول قالوا تقول انه عبد قال أجل هو عبد الله ورسوله وكلمته القاها الى العذراء البتول فغضبوا وقالوا وهل رايت إنسانا قط من غير اب فانزل الله تعالى لالزامهم واقحامهم هذه الاية ـ واخرج ابن ابى حاتم من طريق العوفى عن ابن عباس نحوه واخرج عن الحسن قال اتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم راهبا نجران فقال أحدهما من ابو عيسى وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يتعجل حتى يأمره ربه فنزل عليه ذلك نتلوه عليك الى قوله من الممترين فانهم كانوا يعترفون بخلق آدم بغير اب وأم من تراب ـ وما أجهل النصارى لعنهم الله قالوا هل رايت إنسانا قط من غير اب وما تفكّروا فى أنفسهم انهم هل راوا إنسانا تلد شاة او شاة تلد إنسانا مع اتحاد الجنس فى الحيوانية واختلافهما فى النوع فكيف حكموا بان الله الأحد الصمد القديم لذاته الذي ليس كمثله شىء ولد عيسى جسما مخلوقا حادثا يأكل الطعام وينام ويموت بل هو الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (فائدة) فى هذه الاية دلالة على