قال الله تعالى لاهنّ حلّ لهم يعنى كان ذلك المطعومات حلالا (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) اى لاولاد يعقوب كما كان حلالا على يعقوب وأبويه ابراهيم وإسحاق (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ) يعنى يعقوب (عَلى نَفْسِهِ) وهى لحوم الإبل وألبانها وذلك لانه كان به عرق النساء فنذر ان شفى الله له لم يأكل أحب الطعام اليه وكان ذلك أحبه اليه أخرجه احمد والحاكم وغيرهما عن ابن عباس مرفوعا بسند صحيح ـ وكذا ذكر البغوي عن ابى العالية وعطاء ومقاتل والكلبي وذكر البغوي رواية جويبر عن ابن عباس انه لما أصاب يعقوب عرق النساء وصف له الأطباء ان يجتنب لحمان الإبل فحرمها يعقوب على نفسه وقال البغوي قال الحسن حرم إسرائيل على نفسه لحم الجزور تعبد الله عزوجل فسال ربه ان يجيز ذلك له فحرمه الله على ولده وقال عطية انما كان ذلك محرما عليهم بتحريم إسرائيل فانه كان قد قال ان عافانى الله لم يأكله ولد لى ولم يكن محرما عليهم من الله تعالى (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) الظرف لا يجوز ان يتعلق بحرم إسرائيل كما هو الظاهر إذ لا فائدة حينئذ فى التقييد فان تحريم إسرائيل لا يتصور بعد نزول التورية ولو جعل متعلقا بكان حلا لزم قصر الصفة قبل تمامها فهو متعلق بمحذوف دل عليه ما سبق وهو كانه فى جواب متى كان حلّا وتقديره كان حلّا من قبل ان تنزّل التّورية فلما نزّل التورية حرم عليهم الطيبات بظلمهم قال الله تعالى (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) وقال (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ) وقال الكلبي كانت بنوا إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما حرم الله عليهم طعاما طيبا اوصب عليهم رجزا وهو الموت ـ وقال الضحاك لم يكن شىء من ذلك حراما عليهم ولا حرمه الله فى التورية وانما حرموه على أنفسهم اتباعا لابيهم ثم أضافوا تحريمه الى الله عزوجل فكذبهم الله ـ وهذا ليس بشىء حيث قال الله تعالى (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) وقال (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) لما فى الصحيحين انه قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها