فإن كلا من الدليلين بصدد بيان ما هو الوظيفة للجاهل ، فيطرد كل منهما الآخر مع المخالفة ، هذا مع لزوم اعتباره معها في صورة الموافقة ، ولا أظن أن يلتزم به القائل بالحكومة ، فافهم فإن المقام لا يخلو من دقّة.
______________________________________________________
عنوان الموضوع كما هو مفاد القضية الحقيقية ، وأما تعيين حصوله أو عدم حصوله فخارج عن مدلوله وخطاب الحاكم متصد لبيان تحققه وعدم تحققه التعبد والاعتبار وهذا القسم من الحكومة مشترك مع التخصيص في موارد نفي الموضوع في النتيجة إلّا أن لسان الحاكم غير لسان الخاص ؛ ولذا لا تلاحظ النسبة بين خطابي الحاكم والمحكوم.
وعلى ذلك فقد يقال : إنه بشمول دليل اعتبار الأمارة لأمارة ولو كان اعتبارها بالسيرة العقلائية سواء أكانت على وفق الحالة السابقة أو على خلافها لا يكون في البين جهل بالإضافة إلى الحالة السابقة نفيا أو إثباتا ليتم الموضوع للنهي عن نقض اليقين بالشك الذي هو مدلول خطابات الاستصحاب بنحو القضية الحقيقية.
وقد يورد على هذا الاستدلال بأن الأمارة أيضا اعتبر في موضوع اعتبارها الجهل بالواقع حيث لا يمكن اعتبارها في حق العالم بالواقع ، وإذا كان لسان خطابات الاستصحاب اعتبار العلم بالحالة السابقة علما بالبقاء عند الجهل بالواقع فلا يكون في البين موجب لتقديم اعتبار الأمارة مع كون النسبة بين دليل اعتبار الاستصحاب ودليل اعتبار الأمارة العموم من وجه حيث إن مدلولهما متساويان في كون كل منهما الكبرى الكلية وقد وجه المحقق النائيني على ما تقدم سابقا من أن دليل اعتبار الأمارة مقتضاه كونها علما في جهة إراءة الواقع وتتميم كشفها بخلاف دليل الاستصحاب فإن مقتضاه كون اليقين السابق علما بالواقع من حيث العمل خاصة ، وذكرنا أيضا بعض المناقشة في ذلك وقلنا : إن الصحيح في الجواب أن الجهل غير