وهو يدلّ على ضدّ قول الرافضة من وجهين :
أحدهما : أنّه دعا لهم بذلك. هذا دليل على أن الآية لم تخبر بوقوع ذلك ، فإنّه لو كان قد وقع لكان يثني على الله بوقوعه ويشكره على ذلك ، ولا يقتصر على مجرد الدعاء به.
الثاني : إن هذا يدلّ على أن الله قادر على إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم ، وذلك يدلّ على أنّه خالق أفعال العباد.
وممّا يُبين أنّ الآية متضمّنة للأمر والنهي قوله في سياق الكلام : ( يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ ... إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ ... وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً ).
وهذا السياق يدلّ على أنّ ذلك أمر ونهي.
ويدلّ على أنّ أزواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أهل بيته ، فإن السّياق إنّما هو في مخاطبتهنّ.
ويدلّ على أنّ قوله ( لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) عمّ غير أزواجه ، كعليّ وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم ، لأنّه ذكره بصيغة التذكير لمّا اجتمع المذكَّر والمؤنّث ، وهؤلاء خُصّوا بكونهم من أهل البيت من أزواجه ، فلهذا خصهم بالدعاء لمّا أدخلهم في الكساء ، كما أنّ مسجد قباء أُسس على التقوى ، ومسجده صلّى الله عليه وسلّم أيضاً أُسّس على التقوى وهو أكمل في ذلك. فلمّا نزل قوله تعالى : ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ... ) (١) بسبب مسجد قباء تناول اللفظ لمسجد قباء ولمسجده بطريق الأولى.
وقد تنازع العلماء : هل أزواجه من آله؟ على قولين ، هما روايتان عن
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٠٨.