أحدهما : أنّه استثناء منقطع ، لأنّ المودّة في القربى ليس من الأجر ، ويكون التقدير : لكنْ أُذكّركم المودّة في قرابتي ، الثاني : إنّه استثناء حقيقةً ، ويكون : أجري المودّة في القربى كأنّه أجر وإنْ لم يكن أجر » (١).
وكالشيخ الطبرسي ، قال : « وعلى الأقوال الثلاثة ، فقد قيل في ( إِلاَّ الْمَوَدَّةَ ) قولان ، أحدهما : إنّه استثناء منقطع ، لأنّ هذا ممّا يجب بالإسلام فلا يكون أجراً للنبوّة. والا خر : إنّه استثناء متّصل ، والمعنى : لا أسألكم عليه أجراً إلاّهذا فقد رضيت به أجراً ، كما أنكّ تسأل غيرك حاجة فيعرض المسؤول عليك برّاً فتقول له : إجعل برّي قضاء حاجتي. وعلى هذا يجوز أن يكون المعنى : لا أسألكم عليه أجراً إلاّهذا ، ونفعه أيضاً عائد عليكم ، فكأنّي لم أسألكم أجراً ، كما مرّ بيانه في قوله : ( قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ).
وذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره : حدّثني عثمان بن عمير ، عن سعيد ابن جبير ، عن عبدالله بن عبّاس ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها : نأتي رسول الله فنقول له : تعروك أُمور ، فهذه أموالنا ... » (٢).
* هذا ، ولكنْ قد تقرّر في محلّه ، أنّ الأصل في الاستثناء هو الإتّصال ، وأنّه يحمل عليه ما أمكن ، ومن هنا اختار البعض ـ كالبيضاوي حيث ذكر الانقطاع قولاً ـ الإتّصال ، بل لم يجوّز بعض أصحابنا الإنقطاع ، فقد قال السيّد الشهيد التستري : « تقرّر عند المحقّقين من أهل العربيّة والأُصول أنّ الإستثناء المنقطع مجاز ، واقع على خلاف الأصل ، وأنّه لا يحمل على المنقطع إلاّلتعذّر المتّصل ، بل ربّما عدلوا عن ظاهر اللفظ الذي هو المتبادر إلى الذهن مخالفين
__________________
(١) التبيان في تفسير القرآن ٩ / ١٥٨.
(٢) مجمع البيان في تفسير القرآن ٩ / ٢٩.