وقال القاضي عياض : « الباب الثاني في تكميل الله تعالى له المحاسن خلقاً وخلقاً ، وقرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقاً » فذكر فيه فوائد جمة في كلام طويل (١).
إذن ، هناك ارتباط بين « آية المودّة » و « آية التطهير » وأحاديث « الإصطفاء » و « أنّهم خير خلق الله ».
ثمّ إنّ في أخبار السقيفة والإحتجاجات التي دارت هناك بين مَن حضرها من المهاجرين والأنصار ، ما يدلّ على ذلك دلالة واضحة ، فقد أخرج البخاري أنّ أبا بكر خاطب القوم بقوله : « لن تعرف العرب هذا الأمر إلاّ لهذا الحيّ من قريش ، هم أوسط العرب نسباً وداراً » (٢) ولا يستريب عاقل في أنّ عليّاً عليهالسلام هو الأشرف ، من المهاجرين والأنصار كلّهم ـ نسباً وداراً ، فيجب أن يكون هو الإمام.
بل روى الطبري وغيره أنّه قال كلمةً أصرح وأقرب في الدلالة ، فقال الطبري إنّه قال في خطبته : « فخصَّ الله المهاجرين الأوّلين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدّة أذى قومهم لهم ولدينهم ، وكلّ الناس لهم مخالف زارٍ عليهم ، فلم يستوحشوا لقلّة عددهم وشنف الناس لهم وإجماع قومهم عليهم.
فهم أوّل من عَبَدَالله في الأرض وآمن به وبالرسول ، وهم أولياؤه وعشيرته وأحقّ النّاس بهذا الأمر من بعده ، ولا ينازعهم في ذلك إلاّ ظالم » (٣).
وفي رواية ابن خلدون : « نحن أولياء النبيّ وعشيرته ، وأحقّ الناس
__________________
(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ١ / ١٣٧.
(٢) صحيح البخاري / كتاب الحدود ـ الباب ٣١ ، وانظر : تاريخ الطبري ٣ / ٢٠٣ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٦٥٧ ، غيرهما.
(٣) تاريخ الطبري ٣ / ٢١٩.