يحيى بن عبدالحميد الحماني ، عن قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن عباية بن الربعي ، قال :
بينا عبدالله بن عبّاس جالس على شفير زمزم إذ أقبل رجل متعمّم بعمامة ، فجعل ابن عبّاس لا يقول قال رسول الله إلاّ قال الرجل قال رسول الله.
فقال ابن عبّاس : سألتك بالله من أنت؟
قال : فكشف العمامة عن وجهه وقال : يا أيّها الناس مَن عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهاتين وإلاّ صمّتا [ وأشار به اذنيه ] ورأيته بهاتين وإلاّ فعُميتا [ وأشار إلى عينيه ] يقول : علي قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله. أمّا إنّي صلّيت مع رسول الله يوماً من الأيّام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد ، فرفع السائل يده إلى السماء وقال : اللهم أشهد إنّي سألت في مسجد رسول الله فلم يُعطني أحد شيئاً ، وكان علي راكعاً فأومى إليه بخنصره اليُمنى وكان يتختّم فيها ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره ، وذلك بعين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
فلمّا فرغ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إنّ أخي موسى سألك فقال : ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي * هارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ... ) الآية ، فأنزلت عليه قرآناً ناطقاً : ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً ) اللهم وأنا محمّد نبيّك وصفيّك ، اللهم فاشرح لي صدري ، ( وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ، وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي ) ، علياً أُشدد به ظهري.
قال أبو ذر : فوالله ما استتمّ رسول الله الكلمة حتّى أُنزل عليه جبرئيل من عند الله فقال : يا محمّد إقرأ. قال : وما أقرأ؟ قال : اقرأ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ