وذلك أمر يختصّ به وبمن يكاذبه ، فما معنى ضمّ الأبناء والنساء؟
قلت : ذلك آكد في الدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه ، حيث استجرأ على تعريض أعزّته وأفلاذ كبده وأحبّ الناس إليه لذلك ، ولم يقتصر على تعريض نفسه له ، وعلى ثقته بكذب خصمه حتّى يهلك خصمه مع أحبّته وأعزّته هلاك الإستئصال إنْ تمّت المباهلة.
وخصّ الأبناء والنساء لأنّهم أعزّ الأهل وألصقهم بالقلوب ، وربّما فداهم الرجل بنفسه وحارب دونهم حتّى يُقتل ، ومن ثمّة كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعائن في الحروب لتمنعهم من الهرب ، ويسمّون الذادة عنها بأرواحهم حماة الظعائن.
وقدّمهم في الذِكر على الأنفس لينبّه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، وليؤذن بأنّهم مقدمون على الأنفس مفدون بها.
وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهمالسلام.
وفيه برهان واضح على نبوّة النبي صلّى الله عليه وسلّم ، لأنّه لم يروِ أحد من موافق ولا مخالف أنّهم أجابوا إلى ذلك » (١).
* وروى ابن الأثير حديث سعد في الخصال الثلاثة ، بإسناده عن الترمذي (٢).
وأرسله في تاريخه إرسال المسلّم ، قال : « وأمّا نصارى نجران فإنّهم أرسلوا العاقب والسيّد في نفرٍ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وأرادوا مباهلته ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين ، فلمّا رأوهم قالوا : هذه وجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال
__________________
(١) الكشّاف ١ / ٣٦٩ ـ ٣٧٠.
(٢) أُسد الغابة في معرفة الصحابة ٤ / ٢٦.