بالحرب ، فطلبا منه الصلح وإعطاء الجزية ، فكتب لهما بذلك وكان الكاتب علي عليهالسلام.
ثمّ إنّ البخاري ـ بعد أن حذف حديث المباهلة إخفاءً لفضل أهل الكساء ـ وضع فضيلة لأبي عبيدة ، بأنهما قالا للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ابعث معنا رجلاً أميناً » فبعث معهم أبا عبيدة بن الجرّاح ...
لكنْ في غير واحدٍ من الكتب أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أرسل إليهم عليّاً عليهالسلام ، وهذا ما نبّه عليه الحافظ وحاول رفع التعارض ، فقال : « وقد ذكر ابن إسحاق أنّ النبيّ بعث عليّاً إلى أهل نجران ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم ، وهذه القصّة غير قصّة أبي عبيدة ، لأنّ أبا عبيدة توجّه معهم فقبض مال الصلح ورجع ، وعلي أرسله النبي بعد ذلك يقبض منهم ما استحق عليهم من الجزية ويأخذ ممن أسلم منهم ما وجب عليه من الصدقة. والله أعلم » (١).
قلت :
ولم أجد في روايات القصة إلاّ أنّهما « أقرّا بالجزية » التزما بدفع ما تضمّنه الكتاب الذي كتبه صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم ، ومن ذلك : ألفا حُلّة « في كلّ رجبٍ ألف ، وفي كلّ صفرٍ ألف » وهذه هي الجزية ، وعليها جرى أبو بكر وعمر ، حتّى جاء عثمان فوضع عنهم بعض ذلك! وكان ممّا كتب : « إنّي قد وضعت عنهم من جزيتهم مائتي حُلّة لوجه الله! » (٢).
ثمّ إنّ رجوعهما إلى قومهما كان في بقيّة من شوّال أو ذي القعدة (٣) فأين
__________________
(١) فتح الباري ـ شرح صحيح البخاري ـ ٨ / ٧٧.
(٢) فتوح البلدان : ٧٧.
(٣) عيون الأثر ٢ / ٢٤٤ ، وغيره.