أحدهما : إنّ موضوع المباهلة ليتميّز المحقّ من المبطل ، وذلك لا يصحّ أنْ يُفعل إلاّبمن هو مأمون الباطن ، مقطوعاً على صحّة عقيدته ، أفضل الناس عند الله.
والثاني : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم جعله مثل نفسه بقوله : ( وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ... ) (١).
* وقال الإربلي : « ففي هذه القضيّة بيان لفضل عليّ عليهالسلام ، وظهور معجز النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ النصارى علموا أنّهم متى باهلوه حلّ بهم العذاب ، فقبلوا الصلح ودخلوا تحت الهدنة ، وإنّ الله تعالى أبان أنّ عليّاً هو نفس رسول الله كاشفاً بذلك عن بلوغه نهاية الفضل ، ومساواته للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الكمال والعصمة من الآثام ، وإنّ الله جعله وزوجته وولديه ـ مع تقارب سنّهما ـ حجّةً لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وبرهاناً على دينه ، ونصّ على الحكم بأنّ الحسن والحسين أبناؤه ، وأنّ فاطمة عليهاالسلام نساؤه المتوجّه إليهنّ الذِكر والخطاب في الدّعاء إلى المباهلة والاحتجاج ، وهذا فضل لم يشاركهم فيه أحد من الأمّة ولا قاربهم » (٢).
* وقال العلاّمة الحلّي : « أجمع المفسّرون على أن ( أَبْناءَنا ) إشارة إلى الحسن والحسين ، و ( أَنْفُسَنا ) إشارة إلى عليّ عليهالسلام ، فجعله الله نفس محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمراد المساواة ، ومساوي الأكمل الأولى بالتصرّف أكمل وأولى بالتصرّف ، وهذه الآية أدلّ دليلٍ على علوّ رتبة مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، لأنّه تعالى حكم بالمساواة لنفس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّه تعالى عينه في استعانة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) التبيان في تفسير القرآن ٢ / ٤٨٥.
(٢) كشف الغمة في معرفة الأئمّة ١ / ٢٣٣.