عليه كما هو مقرّر في محلّه ، ولا نتعرّض له خوفاً من الإطالة.
وعلى الجملة ، فإنّ آية المباهلة هي في الأصل ردّ على النواصب ، لكنّ الشيعة يتمسّكون بها في مقابلة أهل السنّة ، وفي تمسّكهم بها وجوه من الإشكال :
أمّا أوّلاً : فلأنّا لا نسلّم أنّ المراد بـ ( أَنْفُسَنا ) هو الأمير ، بل المراد نفسه الشريفة ، وقول علمائهم في إبطال هذا الاحتمال بأنّ الشخص لا يدعو نفسه غير مسموع ، إذ قد شاع وذاع في القديم والحديث « دعته نفسه إلى كذا » و « دعوت نفسي إلى كذا » ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ ) (١) و « أمرت نفسي » و « شاورت نفسي » إلى غير ذلك من الاستعمالات الصحيحة الواقعة في كلام البلغاء. فيكون حاصل ( نَدْعُ أَنْفُسَنا ) : نحضر أنفسنا.
وأيضاً : فلو قررنا الأمير من قبل النبي مصداقاً لقوله ( أَنْفُسَنا ) فمن نقرره من قبل الكفّار مع أنّهم مشتركون في صيغة ( نَدْعُ ) ، إذ لا معنى لدعوة النبيّ إياهم وأبناءهم بعد قوله : ( تَعالَوْا ).
فظهر أن الأمير داخل في ( أَبْناءَنا ) ـ كما أنّ الحسنين غير داخلين في الأبناء حقيقةً وكان دخولهما حُكماً ـ لأنّ العرف يعدّ الختن ابناً ، من غير ريبةٍ في ذلك.
وأيضاً : فقد جاء لفظ النفس بمعنى القريب والشريك في الدين والملّة ومن ذلك قوله تعالى : ( وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ) أي : أهل دينهم .. ( وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) .. ( لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً ) ، فلمّا كان للأمير اتّصال بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم في النسب والقرابة والمصاهرة واتّحاد في الدين والملّة ، وقد كثرت معاشرته والأُلْفة معه حتّى قال : « عليٌّ منّي وأنا من عليّ « كان التعبير عنه بالنفس غير بعيد ، فلا تلزم