كذلك ، كقوله تعالى : ( وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ ) (١).
و ( فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) (٢).
و ( فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) (٣).
وهكذا غيرها من الآيات.
وأمّا قوله تعالى : ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) ، فمن جَعَلَ « الهادي » هو « رسول الله » صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد جعل « الواو » عاطفةً ، فيكون ( هادٍ ) عطفاً على ( مُنْذِرٌ ) و ( لِكُلِّ قَوْمٍ ) متعلق بـ ( هادٍ ).
أو يكون ( هادٍ ) خبراً لمبتدأ مقدَّر ، أي : وأنتَ هاد.
لكنْ يردّ الأوّل : بأنّه يستلزم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالجار والمجرور ، وهو غير جائز عند المحقّقين من النحويّين.
ويردّ الثاني : بأنّه مستلزم للتقدير ، ومن الواضح أنّه خلاف الأصل.
على أنّ القول بأنّ « الهادي » في الآية هو « رسول الله » نفسه ، إغفالٌ للحديث الصحيح الوارد بتفسيرها ، الصريح في أنّه عليٌّ عليهالسلام ، وبه يجاب عن قول مَن فسّر الآية برأيه ، فجعل « الهادي » هو « الله » أو « العمل » أو غير ذلك ، وهي تفاسير باطلة لم يوافق عليها حتى ابن تيميّة والآلوسي.
وعلى ما ذكرنا تكون « الواو » استئنافيةً.
فيكون معنى الآية : كون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم منذراً ، ولكلّ قوم هادٍ إلى ما جاء به النبيّ ، وهو « عليٌّ » عليهالسلام ، الذي حفظ ونشر ما جاء به النبيّ ، ودعا إلى الأخذ والعمل به ، فكان عليهالسلام الهادي بقوله
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٩٩.
(٢) سورة النحل ١٦ : ٣٥.
(٣) سورة المائدة : ٥ : ٩٢.