نصّ الكتاب ، وكلّ حديث يناقض مدلول الكتاب في الأخبار والقصص فهو موضوع ، كما هو المقرّر عند المحدّثين.
وأيضاً ، انحصار السباق في ثلاثة رجال غير معقول ، فإنّ لكلّ نبيّ سابقاً بالإيمان به لا محالة.
وبعد اللتيا والتي ، فأيّة ضرورة لأنْ يكون كلّ سابق صاحب الزعامة الكبرى وكلّ مقرّب إماماً؟
وأيضاً ، لو كانت هذه الرواية صحيحة لكانت مناقضة للاية صراحة ، لأنّ الله تعالى قال في حق السابقين : ( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) (١) والثلّة هو الجمع الكثير ، ولا يمكن أن يطلق على الاثنين جمع كثير ولا على الواحد قليل أيضاً ، فعلم أنّ المراد بالسبق هو المراد من الآية الأُخرى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ ) (٢) ، والقرآن يفسّر بعضه بعضاً.
وأيضاً ، ثبت بإجماع أهل السنّة والشيعة أنّ أوّل من آمن حقيقة خديجة رضي الله تعالى عنها ، فلو كان مجرّد السبق بالإيمان موجباً لصحّة الإمامة لزم أن تكون سيّدتنا المذكورة حَريّة بالإمامة ، وهو باطل بالإجماع. وإن قيل : إنّ المانع كان متحقّقاً قبل وصول إمامته في خديجة وهو الأُنوثة ، قلنا : كذلك في الأمير ، فقد كان المانع متحقّقاً قبل وصول وقت إمامته ، ولمّا ارتفع المانع صار إماماً بالفعل ، وذلك المانع هو إمّا وجود الخلفاء الثلاثة الّذين كانوا أصلح في حق الرياسة بالنسبة إلى جنابه عند جمهور أهل السنّة ، أو إبقاؤه بعد الخلفاء الثلاثة وموتهم قبله عند التفضيليّة فإنّهم قالوا : لو كان إماماً عند وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم ينل أحد من الخلفاء الإمامة وماتوا في عهده ، وقد سبق
__________________
(١) سورة الواقعة ٥٦ : ١٣ ـ ١٤.
(٢) سورة التوبة ٩ : ١٠٠.