يرفع حديثه بإسقاط الواسطة ـ من فرع الشيء أي ارتفع وعلا ، وفرعت الجبل أي صعدته ـ وقيل : لأنّه يزيل عن الراوي ما يوجب قبول روايته والعمل بها ، أي العدالة ـ من افترعت البكر أي اقتضضتها ـ وقيل : لأنّه قال كذباً اُزيل بكارته ، أي صدر مثله من السابقين كثيراً . وقيل : لأنّه الكذب المستحدث ، أي لم يقع مثله من السابقين . وقيل : لأنّه ابتدأ بذكر من ينبغي أن يذكره أخيراً ، من قولهم : بئس ما افترعت به أي ابتدأت به ، وقيل : لأنّه كذب فرع كذب رجل آخر فإنّك إن أسندته إليه فإن كان كاذباً أيضاً فلست بكاذب ، بخلاف ما إذا أسقطته فإنّه إن كان كاذباً فأنت أيضاً كاذب ، فعلى الثلاثة الاُولى والاحتمال الأخير إسم فاعل ، وعلى البواقي إسم مفعول .
٥ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سيف ، عن أخيه عليّ ، عن أبيه ، عن محمّد بن مارد ، عن عبد الأعلى بن أعين ، قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك حديث يرويه الناس (١) أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : حدّث عن بني إسرائيل ولا حرج . قال : نعم . قلت : فنحدّث عن بني إسرائيل بما سمعناه ولا حرج علينا ؟ قال : أما سمعت ما قال ؟ كفى بالمرء كذباً أن يحدّث بكلّ ما سمع . فقلت : وكيف هذا ؟ قال : ما كان في الكتاب أنّه كان في بني إسرائيل فحدّث أنّه كان في هذه الاُمّة ولا حرج .
________________________
(١) المراد من الناس العامة ، أورد الحديث أبي داود في سننه باسناده عن أبي بكر بن أبي شيبة قال : حدثني علي بن مسهر ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج . قال الخطابي : ليس معناه إباحة الكذب في أخبار بني إسرائيل ورفع الحرج عمن نقل عنهم الكذب ولكن معناه الرخصة في الحديث عنهم على معنى البلاغ وان لم يتحقق صحة ذلك بنقل الاسناد ، وذلك لانه أمر قد تعذر في أخبارهم لبعد المسافة وطول المدة ووقوع الفترة بين زماني النبوة ، وفيه دليل على أن الحديث لا يجوز عن النبي صلى الله عليه وآله الا بنقل الاسناد والتثبت فيه . وقد روى الدراوردي هذا الحديث عن محمد بن عمرو بزيادة لفظ دل بها على صحة هذا المعنى ليس في رواية علي بن مسهر الذي رواها أبو داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، حدثوا عني ولا تكذبوا عليّ . ومعلوم أن الكذب على بني إسرائيل لا يجوز بحال فانما أراد بقوله : وحدثوا عني ولا تكذبوا عليّ . أي تحرزوا من الكذب عليّ بأن لا تحدثوا عني الا بما يصح عندكم من جهة الاسناد والذي به يقع التحرز عن الكذب عليّ . « معالم السنن ج ٣ ص ١٨٧ » .