الخبرين يوافق العامّة والآخر يخالف بأيّهما نأخذ من الخبرين ؟ قال : ينظر إلى ما هم إليه يميلون فإنّ ما خالف العامّة ففيه الرشاد . قلت : جعلت فداك فإن وافقهم الخبران جميعاً ؟ قال : انظروا إلى ما يميل إليه حكّامهم وقضاتهم فاتركوه جانباً وخذوا بغيره . قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعاً ؟ قال : إذا كان كذلك فارجه وقف عنده حتّى تلقى إمامك فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات والله المرشد .
غو : روى محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن محمّد بن عيسى ، عن صفوان ، عن داود بن الحصين ، عن عمر بن حنظلة مثله .
بيان :
رواه الصدوق في الفقيه وثقة الإسلام في الكافي بسند موثّق لكنّه من المشهورات وضعفه منجبر بعمل الأصحاب . قوله تعالى : يُرِيدُونَ أَن
يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ
الطاغوت مشتقٌّ من الطغيان وهو الشيطان أو الأصنام أو كلّ ما عبد من دون الله أو صدّ عن عبادة الله ، والمراد هنا من يحكم بالباطل ويتصدّى للحكم ولا يكون أهلاً
له ، سمّي به لفرط طغيانه ، أو لتشبّهه بالشيطان أو لأنّ التحاكم إليه تحاكم إلى
الشيطان من حيث إنّه الحامل عليه ، والآية بتأييد الخبر تدلّ على عدم جواز الترافع إلى حكّام
الجور مطلقا . قوله عليهالسلام : ممّن قد روى حديثنا أي كلّها بحسب الإمكان
، أو القدر الوافي منها ، أو الحديث المتعلّق بتلك الواقعة ، وكذا في نظائره ، والأحوط أن لا يتصدّى لذلك إلّا من تتبّع ما يمكنه الوصول إليه من أخبارهم ليطّلع على المعارضات ويجمع
بينها بحسب الإمكان . قوله عليهالسلام : فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً اُستدلَّ
به على أنّه نائب للإمام في كلّ أمر إلّا ما أخرجه الدليل ولا يخلو من إشكال ، بل الظاهر أنّه رخّص
له في الحكم فيما رفع إليه ، لا أنّه يمكنه جبر الناس على الترافع إليه أيضاً ، نعم يجب
على الناس الترافع إليه والرضا بحكمه . قوله عليهالسلام : فيما حكما ظاهره أنّ اختلافهما بحسب
اختلاف الرواية لا الفتوى . قوله عليهالسلام : أعدلهما وأفقههما في الجواب إشعار
بأنّه لا بدّ من كونهما عادلين فقيهين صادقين ورعين ، والفقه هو العلم بالأحكام الشرعيّة كما هو الظاهر ، وهل
يعتبر كونه أفقه في خصوص تلك الواقعة أو في مسائل المرافعة والحكم أو في مطلق
المسائل ؟ الأوسط أظهر معنىً وإن كان الأخير أظهر لفظاً ، والظاهر أنّ مناط الترجيح الفضل