منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان ، أو إلى القضاة ، أيحلُّ ذلك ؟ قال عليهالسلام : من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الجبت والطاغوت المنهيّ عنه ، وما حكم له به فإنّما يأخذ سحتاً (١) وإن كان حقّه ثابتاً ، لأنّه أخذه بحكم الطاغوت ومن أمر الله عزّ وجلّ أن يكفر به ، قال الله عزّ وجلّ : يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ . قلت : فكيف يصنعان وقد اختلفا ؟ قال : ينظران إلى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا فليرض (٢) به حكماً فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكم ولم يقبله منه فإنّما بحكم الله استخفَّ وعلينا ردَّ ، والرادُّ علينا كافر رادٌّ على الله وهو على حدّ من الشرك بالله . فقلت : فإن كان كلّ واحد منهما اختار رجلاً من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما فاختلفا فيما حكما فإنّ الحكمين اختلفا في حديثكم ؟ قال : إنّ الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر . قلت : فإنّهما عدلان مرضيّان عرفا بذلك لا يفضل أحدهما صاحبه ، قال : ينظر الآن إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الّذي حكما المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، فإنّما الاُمور ثلاثه : أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردُّ حكمه إلى الله عزّ وجلّ وإلى رسوله صلىاللهعليهوآله وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات تتردّد بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرَّمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم . قلت : فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقاة عنكم ؟ قال : ينظر ما وافق (٣) حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة . قلت : جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه (٤) من الكتاب والسنّة ثمَّ وجدنا أحد
________________________
(١) السحت : الحرام .
(٢) وفي نسخة : فليرضوا .
(٣) وفي نسخة : فيما وافق .
(٤) وفي نسخة : عمى عليهما معرفة حكم من كتاب وسنة ووجدا .