والخلق ، وانفرد عن علائق الدنيا فارتفعت عنه أحزانه الّتي كانت تلزم لتحصيلها . قوله عليهالسلام : فتحامى الشرور أي اجتنبها ، قال الجوهريّ : تحاماه الناس أن توقّوه واجتنبوه . قوله : عن كلّ شيء « عن » للبدل ، أي بدلاً عن سخط كلّ شيء ، ولا يبعد أن يكون : وسخت نفسه . بالتاء المنقوط فصحّف منهم .
٢٤ ـ جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفّار ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار ، قال : أخبرني ابن إسحاق الخراسانيّ ـ صاحب كان لنا ـ قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : لا ترتابوا فتشكّوا ، ولا تشكّوا فتكفروا ، ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا ، ولا تداهنوا في الحقّ فتخسروا ، وإنَّ من الحزم أن تتفقّهوا ، ومن الفقه أن لا تغترّوا ، وإنّ أنصحكم لنفسه أطوعكم لربّه ، وإنّ أغشّكم لنفسه أعصاكم لربّه ، من يطع الله يأمن ويرشد ، ومن يعصه يخب ويندم ، واسألوا الله اليقين ، وارغبوا إليه في العافية ، و خير ما دار في القلب اليقين ، أيّها الناس إيّاكم والكذب ، فإنّ كلّ راج طالب وكلّ خائف هارب .
بيان : لا ترتابوا أي لا تتفكّروا فيما هو سبب للريب من الشبهة ، أو لا ترخصوا لأنفسكم في الريب في بعض الأشياء فإنّه ينتهي إلى الشكّ في الدين والشكّ فيه كفر . و لا ترخصوا لأنفسكم في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أو مطلق الطاعات ، فينتهي إلى المداهنة والمساهلة في الدين . ومن الفقه أن لا تغترّوا أي بالعلم والعمل أو بالدنيا و زهراتها . قوله عليهالسلام : إيّاكم والكذب أي في دعوى الخوف والرجاء بلا عمل فإنّ كل راج يعمل لما يرجوه وكلّ خائف يهرب ممّا يخاف منه .
٢٥ ـ ضه : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : علماءُ هذه الأمّة رجلان : رجل آتاه الله علماً فطلب به وجه الله والدار الآخرة وبذله للناس ولم يأخذ عليه طمعاً ولم يشتر به ثمناً قليلاً ، فذلك يستغفر له من في البحور ، ودوابّ البحر والبرّ ، والطير في جوّ السماء ، ويقدم على الله سيّداً شريفاً ، ورجل آتاه الله علماً فبخل به على عباد الله ، وأخذ عليه طمعاً ، واشترى به ثمناً قليلاً ، فذلك يلجم يوم القيامة بلجام من نار ، وينادي ملك من الملائكة على رؤوس الأشهاد : هذا فلان بن فلان آتاه الله علماً في دار الدنيا فبخل به على عباده ، حتّى يفرغ من الحساب .