٣٧ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : العالم من عرف قدره ، وكفى بالمرء جهلاً أن لا يعرف قدره ، وإنّ أبغض الرجال إلى الله العبد وكّله الله إلى نفسه جائراً عن قصد السبيل سائراً ، إن دُعي إلى حرث الدنيا عمل ، وإلى حرث الآخرة كسل ، كأنّ ما عمل له واجبٌ عليه ، وكأنّ ما ونى فيه ساقطٌ عنه .
بيان : قال ابن ميثم : من عرف قدره أي مقداره ومنزلته بالنسبة إلى مخلوقات الله تعالى ، وأنّه أيّ شيء منها ، ولأيّ شيء خلق ، وماطوره المرسوم في كتاب ربّه ، وسنن أنبيائه . وكأنّ ما ونى فيه أي ما فتر فيه وضعف عنه .
٣٨ ـ كنز الكراجكي : قال أمير المؤمنين عليه السلام : رأس العلم الرفق ، وآفته الخرق (١) .
٣٩ ـ وقال عليهالسلام : زلّة العالم كانكسار السفينة تغرق وتُغرق .
٤٠ ـ وقال عليهالسلام : الآداب تلقيح الأفهام ، ونتائج الأذهان .
وقال رحمه الله من عجيب ما رأيت واتّفق لي أنّي توجّهت يوماً لبعض أشغالي وذلك بالقاهرة في شهر ربيع الآخر سنة ستّ وعشرين وأربعمائة ، فصحبني في طريقي رجل كنت أعرفه بطلب العلم وكتب الحديث ، فمررنا في بعض الأسواق بغلام حدث (٢) ، فنظر إليه صاحبي نظراً استربت منه ، ثمّ انقطع عنّي ومال إليه وحادثه ، فالتفتت انتظارا له فرأيته يضاحكه ، فلمّا لحق بي عذلته (٣) على ذلك ، وقلت له : لا يليق هذا بك فما كان بأسرع من أن وجدنا بين أرجلنا في الأرض ورقةً مرميّةً ، فرفعتها لئلّا يكون فيها اسم الله تعالى ، فوجدتها قديمةً فيها خطّ رقيق قد اندرس بعضه وكأنّها مقطوعة من كتاب فتأمّلتها ، فإذا فيها حديث ذهب أوّله وهذه نسخته : قال : إنّي أنا أخوك في الإسلام ، ووزيرك في الإيمان ، وقد رأيتك على أمر لم يسعني أن أسكت فيه عنك ، ولست أقبل فيه العذر منك ، قال : وما هو ؟ حتّى أرجع عنه وأتوب إلى الله تعالى منه ، قال : رأيتك تضاحك حدثاً غرًّا جاهلاً باُمور الله وما يجب من حدود الله ، وأنت رجل قد رفع الله قدرك بما تطلب
________________________
(١) بضم الخاء وسكون الراء وفتحهما : ضد المرفق .
(٢) أي شاب .
(٣) أي لمته .