ولو وجد في يد مستحل بالدبغ ففيه صور ثلاث :
أ : ان يخبر بأنّه ميتة ، فليجتنب ؛ لاعتضاده بالأصل من عدم الذكاة.
ب : أن يخبر بأنّه مذكّى ، فالأقرب القبول ؛ لأنّه الأغلب ، ولكونه ذا يد عليه فيقبل قوله فيه ، كما يقبل في تطهير الثوب النجس. ويمكن المنع ؛ لعموم : « فتثبّتوا » (١) ولأنّ الصلاة في الذمة بيقين فلا تزول بدونه.
ج : أن يسكت ، ففي الحمل على الأغلب من التذكية ، أو على الأصل من عدمها ، الوجهان.
وقد روى في التهذيب عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : اني أدخل سوق المسلمين ـ أعني هذا الخلق الذين يدعون الإسلام ـ فاشتري منها الفراء للتجارة ، فأقول لصاحبها : أليس هي ذكية؟ فيقول : بلى ، فهل يصلح لي أن أبيعها على انّها ذكية؟ فقال : « لا ، ولكن لا بأس أن تبيعها ، وتقول : قد شرط الذي اشتريتها منه انّها ذكية ». قلت : وما أفسد ذلك؟ قال : « استحلال أهل العراق للميتة ، وزعموا انّ دباغ جلد الميت ذكاته ، ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك الاّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٢).
وفي هذا الخبر إشارة إلى انّه لو أخبر المستحلّ بالذكاة لا يقبل منه ؛ لان المسئول في الخبر إن كان مستحلا فذاك ، والا فبطريق الأولى.
وعن أبي بصير عنه عليهالسلام : « كان علي بن الحسين عليهالسلام رجلا صردا فلا يدفئه فراء الحجاز ، لان دباغها بالقرظ. وكان يبعث الى العراق فيؤتى مما قبلكم بالفرو فيلبسه ، فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي
__________________
(١) كذا في النسخ ، والظاهر انها إشارة إلى الآية ٦ من سورة الحجرات ، وانظر مجمع البيان ٥ : ١٣١.
(٢) الكافي ٣ : ٣٩٨ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٠٤ ح ٧٩٨.