وهو
يعذب الكافرين بآياته ، وإنما يفعل ما يفعل من الهداية والإنزال والانتقام والتقدير
بعزته وحكمته . (
بحث روائي ) في المجمع عن الكلبي ومحمد بن إسحق والربيع
بن أنس : نزلت أوائل السورة إلى نيف وثمانين آية في وفد نجران ، وكانوا ستين راكباً ، قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وفيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر ثلاثة نفر يؤل اليهم أمرهم : العاقب أمير القوم وصاحب مشورتهم الذي لا يصدرون إلا عن رأيه ، واسمه عبد المسيح والسيد ثمالهم وصاحب رحلهم ، واسمه الأيهم ، وأبو حارثة بن علقمة اسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم ، وكان قد شرف فيهم ودرس كتبهم ، وكانت ملوك الروم قد شرَّفوه ومولوه وبنوا له الكنائس لعلمه واجتهاده ، فقدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
المدينة ودخلوا مسجده حين صلى العصر ، عليهم ثياب الحبرات : جبب وأردية في جمال رجال بلحرث بن كعب ، يقول بعض من رآهم من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: ما رأينا وفداً مثلهم ، وقد حانت صلاتهم ، فأقبلوا يضربون بالناقوس ، وقاموا فصلوا في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، فقالت الصحابة : يا رسول الله هذا في مسجدك ؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: دعوهم ، فصلوا الى المشرق ، فكلم السيد والعاقب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
، فقال لهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: أسلما ، قالا : قد أسلمنا قبلك . قال : كذبتما يمنعكما من الإسلام دعائكما لله ولداً وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير . قالا : إن
لم يكن ولداً لله فمن أبوه ؟ وخاصموه جميعاً في عيسى ، فقال لهما النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
: ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا ويشبه أباه ؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن ربنا حي لا
يموت وأن عيسى يأتيه الفناء ؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون ان ربنا قيم على كل
شيء ويحفظه ويرزقه ؟ قالوا : بلى ، قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئاً ؟ قالوا : لا
، قال : ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء ؟ قالوا : بلى
، قال : فهل يعلم عيسى من ذلك إلا ما علم ؟ قالوا : لا ، قال : فإن ربنا صور عيسى في
الرحم كيف شاء ، وربنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث ، قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أن عيسى حملته امه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ثم غذي كما