حائل يحول في البين ، ولا عاصم من الله سبحانه وقد أوعد بالعذاب فينتج قطعية الوقوع كما يدل على مثله قوله في آيتي سورة هود : فتمسكم النار وما لكم من ناصرين .
وفي قوله : وإلی الله المصير دلالة على أن لا مفر لكم منه ولا صارف له ؛ ففيه تأكيد التهديد السابق عليه .
والآيات أعني قوله تعالى : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء الآية وما يتبعها من الآيات من ملاحم القرآن ، وسيجي بيانه إنشاء الله في سورة المائدة .
قوله تعالى : قل إن تخفوا ما في أنفسكم أو تبدوه يعلمه الله ، الآية نظيرة قوله تعالى : « وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ » البقرة ـ ٢٨٤ ، غير أنه لما كان الأنسب بحال العلم أن يتعلق بالمخفي بخلاف الحساب فإن الأنسب له أن يتعلق بالبادي الظاهر قدم ذكر الإخفاء في هذه الآية على ذكر الإبداء ، وجرى بالعكس منه في آية البقرة كما قيل .
وقد أمر في الآية رسوله بإبلاغ هذه الحقيقة ـ وهو علمه بما تخفيه أنفسهم أو تبديه ـ من دون أن يباشره بنفسه كسابق الكلام ، وليس ذلك إلا ترفعاً عن مخاطبة من يستشعر من حاله أنه سيخالف ما وصاه كما مر ما يشبه ذلك في قوله : ومن يفعل ذلك .
وفي قوله تعالى : ويعلم ما في السموات والأرض والله علی كل شيء قدير مضاهاة لما مر من آية البقرة وقد مر الكلام فيه .
قوله
تعالى : يوم تجد كل نفس ما علمت من خير محضراً
وما علمت من سوء ، الظاهر من اتصال السياق أنه من تتمة القول في الآية السابقة الذي أمر به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
؛ والظرف متعلق بمقدر أي واذكر يوم تجد ، أو متعلق بقوله : يعلمه الله ويعلم ، ولا ضير
في تعليق علمه تعالى بما سنشاهده من أحوال يوم القيامة فإن هذا اليوم ظرف لعلمه تعالى
بالنسبة الى ظهور الأمر لنا لا بالنسبة الى تحققه منه تعالى ، وذلك كظهور ملكه وقدرته
وقوته في اليوم ، قال تعالى : « يَوْمَ
هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ
الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ
» المؤمن ـ ١٦ ، وقال : « لَا
عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
» هود ـ ٤٣ ، وقال : « وَلَوْ
يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ
جَمِيعًا » البقرة ـ ١٦٥ ،