لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ » الجاثية ـ ١٩ ، انظر إلى الانتقال من معنى الاتباع إلى معنى الولاية في الآية الثانية .
فمن الواجب على من يدعي ولاية الله بحبه أن يتبع الرسول حتى ينتهى ذلك إلى ولاية الله له بحبه .
وإنما ذكر حب الله دون ولايته لأنه الأساس الذي تبتنى عليه الولاية ، وإنما اقتصر على ذكر حب الله تعالى فحسب لأن ولاية النبي والمؤمنين تؤول بالحقيقة إلى ولاية الله .
قوله تعالى : ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ، الرحمة الواسعة الإلهية وما عنده من الفيوضات المعنوية والصورية غير المتناهية غير موقوفة على شخص أو صنف من أشخاص عباده وأصنافهم ، ولا استثناء هناك يحكم على إطلاق إفاضته ، ولا سبيل يلزمه على الإمساك إلا حرمان من جهة عدم استعداد المستفيض المحروم أو مانع أبداه بسوء اختياره ، قال تعالى : « وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا » أسرى ـ ٢٠ .
والذنوب هي المانعة من نيل ما عنده من كرامة القرب والزلفى وجميع الأمور التي هي من توابعها كالجنة وما فيها ، وإزالة رينها عن قلب الإنسان ومغفرتها وسترها عليه هي المفتاح الوحيد لانفتاح باب السعادة والدخول في دار الكرامة ، ولذلك عقب قوله : يحببكم الله بقوله : ويغفر لكم ذنوبكم ، فإن الحب كما تقدم يجذب المحب إلى المحبوب ، وكما كان حب العبد لربه يستدعي منه التقرب بالإخلاص له وقصر العبودية فيه كذلك حبه تعالى لعبده يستدعي قربه من العبد ، وكشفه حجب البعد وسبحات الغيبة ، ولا حجاب إلا الذنب فيستدعى ذلك مغفرة الذنوب ، وأما ما بعده من الكرامة والإفاضة فالجود كاف فيه كما تقدم آنفاً .
والتأمل في قوله تعالى : « كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ » المطففين ـ ١٥ ، مع قوله تعالى فيهذه الآية : « يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم » كاف في تأييد ما ذكرناه .
قوله
تعالى : قل أطيعوا الله والرسول اه ، لما كانت الآية
السابقة تدعو إلى