اتباع الرسول ، والاتباع وهو اقتفاء الأثر لا يتم إلا مع كون المتبع ( اسم مفعول ) سالك سبيل ، والسبيل الذي يسلكه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما هو الصراط المستقيم الذي هو لله سبحانه ، وهو الشريعة التي شرعها لنبيه وافترض طاعته فيه كرر ثانياً في هذه الآية معنى اتباع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قالب الإطاعة إشعاراً بأن سبيل الإخلاص الذي هو سبيل النبي هو بعينه مجموع أوامر ونواه ودعوة وإرشاد فيكون اتباع الرسول في سلوك سبيله هو إطاعة الله ورسوله في الشريعة المشرعة . ولعل ذكره تعالى مع الرسول للإشعار بأن الأمر واحد ، وذكر الرسول معه سبحانه لان الكلام في اتباعه .
ومن هنا يظهر عدم استقامة ما ذكره بعضهم في الآية : أن المعنى : أطيعوا الله في كتابه والرسول في سنته .
وذلك أنه مناف لما يلوح من المقام من أن قوله : قل أطيعوا الله والرسول « إلخ » كالمبين لقوله : « قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي » ، على أن الآية مشعرة بكون إطاعة الله وإطاعة الرسول واحدة ، ولذا لم يكرر الأمر ، ولو كان مورد الإطاعة مختلفاً في الله ورسوله لكان الأنسب أن يقال : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول كما في قوله تعالى : « أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ » النساء ـ ٥٩ ، كما لا يخفى .
واعلم أن الكلام فيهذه الآية من حيث إطلاقها ومن حيث انطباقها على المورد نظير الكلام في الآية السابقة .
قوله تعالى : فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ، فيه دلالة على كفر المتولي عن هذا الأمر كما يدل على ذلك سائر آيات النهي عن تولي الكفار وفيه أيضاً إشعار بكون هذه الآية كالمبينة لسابقتها حيث ختمت بنفي الحب عن الكافرين بأمر الإطاعة ، وقد كانت الآية الاولى متضمنة لإثبات الحب للمؤمنين المنقادين لأمر الاتباع فافهم ذلك .
وقد تبين من الكلام في هذه الآيات الكريمة أُمور :
أحدها : الرخصة في التقية في الجملة .
وثانيها
: أن مؤاخذة تولي الكفار والتمرد عن النهي
فيه لا يتخلف البتة ،
( ٣ ـ الميزان ـ ١١ )