قَلْبِكَ » البقرة ـ ٩٧ ، وقوله : « كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ » عبس ـ ١٦ .
فظهر أن بشارة جبرئيل هي عين بشارة من هو تحت أمره من جماعة الملائكة وهو من سادات الملائكة ومقربيهم على ما يدل عليه قوله تعالى : « إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ » التكوير ـ ٢١ ، وسيأتي زيادة توضيح لهذا الكلام في سورة فاطر انشاء الله تعالى .
ويؤيد ما ذكرناه قوله تعالى في الآية التالية : قال كذلك الله يفعل ما يشاء ، فإن ظاهره أن القائل هو الله سبحانه مع أنه نسب هذا القول في سورة مريم في القصة الى الروح ، قال تعالى : « قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ الآيات » مريم ـ ٢١ .
وفي تكلم الملائكة والروح مع مريم دلالة على كونها محدثة بل قوله تعالى في سورة مريم في القصة بعينها : « فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا » مريم ـ ١٧ ، يدل على معاينتها الملك زيادة على سماعها صوته ، وسيجيء تمام الكلام في المعنى في البحث الروائي الآتي إنشاء الله .
قوله تعالى : بكلمة منه اسمه المسيح عيسی بن مريم ؛ قد مر البحث في معنى كلامه تعالى في تفسير قوله : « تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ » البقرة ـ ٢٥٣ .
والكلمة والكلم كالتمرة والتمر جنس وفرد وتطلق الكلمة على اللفظ الواحد الدال على المعنى ، وعلى الجملة سواء صح السكوت عليها مثل زيد قائم أو لم يصح مثل إن كان زيد قائماً ، هذا بحسب اللغة ، وأما بحسب ما يصطلح عليه القرآن أعني الكلمة المنسوبة إلى الله تعالى فهي الذي يظهر به ما أراده الله تعالى من أمر نحو كلمة الإيجاد وهو قوله تعالى لشيء أراده : كن ، أو كلمة الوحي والإلهام ونحو ذلك .
وأما المراد بالكلمة فقد قيل : إن المراد
به المسيح عليهالسلام
من جهة أن من سبقه من الأنبياء أو خصوص أنبياء بني إسرائيل بشروا به بعنوان أنه منجي بني إسرائيل ؛ يقال في نظير المورد هذه كلمتي التي كنت أقولها ، ونظيره قوله تعالى في ظهور موسى