من ملوك الفرس ، غير أن القرآن يصدق أن التوراة الموجود بأيديهم في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غير مخالفة للتوراة الأصل بالكلية وإن لعبت بها يد التحريف ؛ ودلالة آيات القرآن على ذلك واضحة .
وأما الإنجيل ومعناه البشارة فالقرآن يدل على أنه كان كتاباً واحداً نازلاً على عيسى فهو الوحي المختص به ، قال تعالى « وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ » آل عمران ـ ٤ ، وأما هذه الأناجيل المنسوبة إلى متى ومرقس ولوقا ويوحنا فهي كتب مؤلفة بعده عليهالسلام .
ويدل أيضاً على أن الأحكام إنما هي في التوراة ، وأن الإنجيل لا تشتمل إلا على بعض النواسخ كقوله في هذه الآيات : مصدقاً لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم الآية ، وقوله : « وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ » المائدة ـ ٤٧ ، ولا يبعد أن يستفاد من الآية أن فيه بعض الأحكام الإثباتية .
ويدل أيضاً على أن الإنجيل مشتمل على البشارة بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كالتوراة ، قال تعالى : « الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ » الأعراف ـ ١٥٧ .
قوله تعالى : ورسولاً إلی بني إسرائيل ؛ ظاهره أنه عليهالسلام كان مبعوثاً إلى بني إسرائيل خاصة كما هو اللائح من الآيات في حق موسى عليهالسلام ، وقد مر في الكلام على النبوة في ذيل قوله تعالى : « كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ الآية » البقرة ـ ٢١٣ ، أن عيسى عليهالسلام كموسى من أُولي العزم وهم مبعوثون إلى أهل الدنيا كافة .
لكن العقدة تنحل بما ذكرناه هناك في الفرق بين الرسول والنبي أن النبوة هي منصب البعث والتبليغ ، والرسالة هي السفارة الخاصة التي تستتبع الحكم والقضاء بالحق بين الناس ؛ إما بالبقاء والنعمة ، أو بالهلاك كما يفيده قوله تعالى : « وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ » يونس ـ ٤٧ .
وبعبارة اخرى النبي هو الإنسان المبعوث لبيان
الدين للناس ، والرسول هو المبعوث لاداء بيان خاص يستتبع رده الهلاك وقبوله البقاء والسعادة كما يؤيده بل