مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ » آل عمران ـ ١٤٤ ، وقوله تعالى : « لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا » الفاطر ـ ٣٦ ، الى غير ذلك من الآيات الكثيرة جداً حتى ما ورد في عيسى عليهالسلام بنفسه كقوله : « وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا » مريم ـ ٣٣ ، وقوله : « وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا » النساء ـ ١٥٩ ، فمن هذه الجهة لا صراحة للتوفي في الموت .
على أن قوله تعالى في رد دعوى اليهود : « وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا » النساء ـ ١٥٩ ، يؤيد ذلك فإن اليهود كانت تدعى أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم عليهالسلام وكذلك كانت تظن النصارى : أن اليهود قتلت عيسى بن مريم عليهالسلام بالصلب غير أنهم كانوا يزعمون أن الله سبحانه رفعه بعد قتله من قبره إلى السماء على ما في الأناجيل ، والآيات كما ترى تكذب قصة القتل والصلب صريحاً .
والذي يعطيه ظاهر قوله : وإن من أهل الكتاب الآية أنه حي عند الله ولن يموت حتى يؤمن به أهل الكتاب ، عليهذا فيكون توفيه عليهالسلام أخذه من بين اليهود لكن الآية مع ذلك غير صريحة فيه وإنما هو الظهور ، وسيجيء تمام الكلام في ذلك في آخر سورة النساء .
قوله تعالى : ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ، الرفع خلاف الوضع ، والطهارة خلاف القذارة ، وقد مر الكلام في معنى الطهارة .
وحيث قيد الرفع بقوله : إلي ، أفاد ذلك أن المراد بالرفع الرفع المعنوي دون الرفع الصوري إذ لا مكان له تعالى من سنخ الأمكنة الجسمانية التي تتعاورها الأجسام والجسمانيات بالحلول فيها ، والقرب والبعد منها ، فهو من قبيل قوله تعالى في ذيل الآية : ثم إلى مرجعكم ، وخاصة لو كان المراد بالتوفي هو القبض لظهور أن المراد حينئذ هو رفع الدرجة والقرب من الله سبحانه ، نظير ما ذكره تعالى في حق المقتولين في سبيله : « أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ » آل عمران ـ ١٦٩ ، وما ذكره في حق إدريس عليهالسلام : « وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا » مريم ـ ٥٧ .