الكفار ومنبت خصومتهم ، وأوضح في رفع شبههم ، فما معنى وعده عليهالسلام أنه ستفوق حجة متبعيه على حجة مخالفيه ؟ ثم ما معنى تقييد هذه الغلبة والتفوق بقوله : الى يوم القيامة ، مع أن الحجة في غلبتها لا تقبل التقييد بوقت ولا يوم على أن تفوق الحجة على الحجة باق على حاله يوم القيامة على ما يخبر به القرآن في ضمن أخبار القيامة .
فان قلت : لعل المراد من تفوق الحجة تفوقها من جهة المقبولية بأن يكون الناس أسمع لحجة المتبعين وأطوع لها فيكونوا بذلك أكثر جمعاً وأوثق ركنا وأشد قوة .
قلت : مرجع ذلك إما الى تفوق متبعيه الحقيقيين من حيث السلطنة والقوة والواقع خلافه ، واحتمال أن يكون إخباراً عن ظهور للمتبعين وتفوق منهم سيتحقق في آخر الزمان لا يساعد عليه لفظ الآية ، واما الى كثرة العدد بأن يراد أن متبعيه عليهالسلام سيفوقون الكافرين أي يكون : أهل الحق بعد عيسى أكثر جمعاً من أهل الباطل ، ففيه مضافاً الى أن الواقع لا يساعد عليه فلم يزل أهل الباطل يربو ويزيد جمعهم على أهل الحق من زمن عيسى الى يومنا هذا وقد بلغ الفصل عشرين قرناً أن لفظ الآية لا يساعد عليه فإن الفوقية في الآية وخاصة من جهة كون المقام مقام الإنباء عن نزول السخط الإلهي على اليهود وشمول الغضب عليهم انما يناسب القهر والاستعلاء : اما من حيث الحجة البالغة أو من حيث السلطة والقوة ، وأما من حيث كثرة العدد فلا يناسب المقام كما هو ظاهر .
والذي ينبغي أن يقال : أن الذي أخذ في الآية معرفاً للفرقتين هو قوله : الذين اتبعوك ، وقوله : الذين كفروا ، والفعل إنما يدل على التحقق والحدوث دون التلبس الذي يدل عليه الوصف كالمتبعين والكافرين ، ومجرد صدور فعل من بعض أفراد امة مع رضاء الباقين به وسلوك اللاحقين مسلك السابقين وجريهم على طريقتهم كاف في نسبة ذلك الفعل اليهم ، كما أن القرآن يؤنب اليهود ويوبخهم على كثير من أفعال سلفهم كقتل الأنبياء وإيذائهم والاستكبار عن امتثال أوامر الله سبحانه ورسله وتحريف آيات الكتاب وغير ذلك .
وعليهذا صح أن يراد بالذين كفروا اليهود
، وبالذين اتبعوا النصارى لما صدر من
( ٣ ـ الميزان ـ ١٤ )