إلى عيسى عليه السلام بالاتباع وهم غير الذين آمنوا وعملوا الصالحات .
قوله تعالى : ذلك تتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم إشارة إلى اختتام القصة . والمراد بالذكر الحكيم القرآن الذي هو ذكر لله محكم من حيث آياته وبياناته ، لا يدخله باطل ، ولا يلج فيه هزل .
قوله تعالى : إن مثل عيسی عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ، تلخيص لموضع الحاجة مما ذكره من قصة عيسى في تولده تفصيلاً ، والإيجاز بعد الإطناب ـ وخاصة في مورد الاحتجاج والاستدلال ـ من مزايا الكلام ؛ والآيات نازلة في الاحتجاج ومتعرضة لشأن وفد النصارى نصارى نجران فكان من الأنسب ان يوجز البيان في خلقته بعد الإطناب في قصته ليدل على أن كيفية ولادته لا تدل على أزيد من كونه بشراً مخلوقاً نظير آدم عليهما السلام فليس من الجائز أن يقال فيه أزيد وأعظم مما قيل في آدم ، وهو أنه بشر خلقه الله من غير أب .
فمعنى الآية : أن مثل عيسى عند الله أي وصفه الحاصل عنده تعالى أي ما يعلمه الله تعالى من كيفية خلق عيسى الجاري بيده أن كيفية خلقه يضاهي كيفية خلق آدم ، وكيفية خلقه أنه جمع أجزائه من تراب ثم قال له كن فتكون تكوناً بشرياً من غير أب .
فالبيان بحسب الحقيقة منحل إلى حجتين تفي كل واحدة منهما على وحدتها بنفي الالوهية عن المسيح (ع) .
إحديهما : أن عيسى مخلوق لله ـ على ما يعلمه الله ولا يضل في علمه ـ خلقة بشر وإن فقد الأب ومن كان كذلك كان عبداً لا رباً .
وثانيهما : أن خلقته لا تزيد على خلقة آدم فلو اقتضى سنخ خلقه أن يقال بالوهيته بوجه لاقتضى خلق آدم ذلك مع أنهم لا يقولون بها فيه فوجب أن لا يقولوا بها في عيسى (ع) أيضاً لمكان المماثلة .
ويظهر من الآية أن خلقة عيسى كخلقة آدم خلقة طبيعية كونية وإن كانت خارقة للسنة الجارية في النسل وهي حاجة الولد في تكونه إلى والد .
والظاهر أن قوله : فيكون ، أُريد به حكاية
الحال الماضية ، ولا ينافي ذلك دلالة