أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ، قال لما ولدت اختصموا آل عمران فيها وكلهم قالوا : نحن نكفلها فخرجوا وضربوا بالسهام بينهم فخرج سهم زكريا ، الخبر .
أقول : وقد مر من البيان ما يؤيد هذا الخبر وما قبلها .
واعلم أن هناك روايات كثيرة في بشارة مريم وولادة عيسى عليهالسلام ودعوته ومعجزاته لكن ما وقع في الآيات الشريفة من جمل قصصه كاف فيما هو المهم من البحث التفسيري ، ولذلك تركنا ذكرها إلا ما يهم ذكره منها .
وفي تفسير القمي في قوله تعالى : وأُنبئكم بما تأكلون الآية ، عن الباقر عليهالسلام أن عيسى كان يقول لبني إسرائيل إني رسول الله اليكم ، وإني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وابرء الأكمه والأبرص ، والأكمه هو الأعمى : قالوا : ما نرى الذي تصنع إلا سحراً فأرنا آية نعلم أنك صادق قال : أرأيتكم إن أخبرتكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ـ يقول : ما أكلتم في بيوتكم قبل أن تخرجوا وما ادخرتم بالليل ـ تعلمون أني صادق ؟ قالوا : نعم فكان يقول : أنت أكلت كذا وكذا وشربت كذا وكذا ورفعت كذا وكذا فمنهم من يقبل منه فيؤمن ، ومنهم من يكفر ، وكان لهم في ذلك آية إن كانوا مؤمنين .
اقول : وتغيير سياق الآية في حكاية ما ذكره عليهالسلام من الآيات أولاً وآخراً يؤيد هذه الرواية ، وقد مرت الإشارة اليه .
وفي تفسير العياشي في قوله تعالى : ومصدقاً لما بين يدي من التوراة ولا حل لكم الآية عن الصادق عليهالسلام قال كان بين داود وعيسى أربعمأه سنة ، وكانت شريعة عيسى أنه بعث بالتوحيد والإخلاص وبما أوصى به نوح وإبراهيم وموسى ، وأنزل عليه الإنجيل ، وأخذ عليه الميثاق الذي أخذ على النبيين ، وشرع له في الكتاب : إقام الصلوة مع الدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحريم الحرام وتحليل الحلال ، وأنزل عليه في الإنجيل مواعظ وأمثال وحدود ليس فيها قصاص ، ولا أحكام حدود ، ولا فرض مواريث ، وأنزل عليه تخفيف ما كان على موسى في التوراة ، وهو قول الله في الذي قال عيسى لبني إسرائيل : ولا حل لكم بعض الذي حرم عليكم ، وأمر عيسى من معه ممن اتبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التوراة والإنجيل .