صعيد واحد متوجهين إلى الله في طلب لعنه وإبعاده من رحمته ؟ وأي جرأة على الله واستهزاء بقدرته وعظمته أقوى من هذا ؟
قال أما كون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين كانوا على يقين مما يعتقدون في عيسى عليهالسلام فحسبنا في بيانه قوله تعالى : من بعد ما جاءك من العلم ، فالعلم في هذه المسائل الاعتقادية لا يراد به إلا اليقين ، وفي قوله : ندع أبنائنا وأبنائكم « الخ » وجهان :
أحدهما : أن كل فريق يدعو الآخر فأنتم تدعون أبنائنا ، ونحن ندعو أبنائكم ؛ وهكذا الباقي .
وثانيهما : أن كل فريق يدعو أهله فنحن المسلمون ندعو أبنائنا ونسائنا وأنفسنا ؛ وأنتم كذلك .
ولا إشكال في وجه من وجهي التوزيع في دعوة الأنفس ، وإنما الإشكال فيه على قول الشيعة ، ومن شايعهم على القول بالتخصيص ، انتهى .
اقول : وهذا الكلام ـ وأحسب أن الناظر فيه يكاد يتهمنا في نسبته إلى مثله ، واللبيب لا يرضى بإيداعه وأمثاله في الزبر العلمية ـ إنما أوردناه على وهنه وسقوطه ليعلم أن النزعة والعصبية إلى أين يورد صاحبه من سقوط الفهم وردائة النظر فيهدم كل ما بنى عليه ويبني كل ما هدمه ولا يبالي ، ولأن الشر يجب أن يعلم ليجتنب عنه .
والكلام في مقامين : أحدهما : دلالة الآية على أفضلية علي عليهالسلام ، وهو بحث كلامي خارج عن الغرض الموضوع له هذا الكتاب ؛ وهو النظر في معاني الآيات القرآنية .
وثانيهما : البحث عما ذكره هذا القائل من حيث تعلقه بمدلول آية المباهلة ، والروايات الواردة في ما جرى بين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين وفد نجران ؛ وهذا بحث تفسيري داخل في غرضنا .
وقد عرفت ما تدل عليه الآية ، وأن الذي نقلناه من الأخبار المتكثرة المتظافرة هو الذي يطابق مدلول الآية ، وبالتأمل في ذلك يتضح وجوه الفساد في هذه الحجة المختلقة والنظر الواهي الذي لا يرجع إلى محصل ، وهاك تفصيلها :
منها
: أن قوله : ومصادر هذه الروايات الشيعة ـ
إلى قوله : وقد اجتهدوا في