بمعنى الكلمة لا نفسها كما أن تعليق الاجتماع أيضاً على المعنى لا يخلو من عناية مجازية ففي الكلام وجوه من لطائف العنايات : نسبة الاجتماع إلى المعنى ثم وضع الكلمة مكان المعنى ثم توصيف الكلمه بالسواء !
وربما قيل : إن معنى كون الكلمة سواء أن القرآن والتوراة والإنجيل متفقة في الدعوة إليها ، وهي كلمة التوحيد ، ولو كان المراد به ذلك كان قوله تعالى : أن لا نعبد إلا الله « الخ » من قبيل وضع التفسير الحق موضع الكلمة المتفق عليها ؛ والإعراض عما لعبت به أيديهم من تفسيره غير المرضي الذي تنطبق الكلمة بذلك على أهوائهم من الحلول واتخاذ الابن والتثليث وعبادة الأحبار والقسيسين والأساقفة ويكون محصل المعنى : تعالوا إلی كلمة سواء بيننا وبينكم وهي التوحيد ، ولازم التوحيد رفض الشركاء وعدم اتخاذ الأرباب من دون الله سبحانه .
والذي تختتم به الآية من قوله : فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون يؤيد المعنى الأول فإن محصل المعنى بالنظر إليه أنه يدعو إلى هذه الكلمة وهي أن لا نعبد إلا الله « الخ » لأنها مقتضى الإسلام لله الذي هو الدين عند الله ، وإن كان الإسلام أيضاً لازماً من لوازم التوحيد لكن الدعوة في الآية إنما هي إلى التوحيد العملي وهو ترك عبادة غير الله سبحانه دون اعتقاد الوحدة ، فافهم ذلك .
قوله تعالى : أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله ، تفسير للكلمة السواء ؛ وهي التي يوجبها الإسلام لله .
والمراد بقوله : أن لا نعبد إلا الله ، نفى عبادة غير الله لا إثبات عبادة الله تعالى على ما مرت الإشاره اليه في معنى كلمة الإخلاص ( لا إله إلا الله ) : أن لازم كون إلا الله ، بدلاً لا استثنائاً كون الكلام مسوقاً لبيان نفي الشريك دون إثبات الإله ، فإن القرآن يأخذ إثبات وجود الإله وحقيته مفروغاً عنه .
ولما كان الكلام مسوقاً لنفي الشريك في العبادة
ولا ينحسم به مادة الشرك اللازم من اعتقاد البنوة والتثليث ونحو ذلك أردفه بقوله : ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ « الخ
» فإن تسمية العبادة بعبادة الله لا تصير العبادة عبادة لله سبحانه ما لم يخلص الاعتقاد
ولم يتجرد الضمير من الاعتقادات والآراء المولودة من أصل الشرك لأن العبادة حينئذ إنما