بشأنه وقصته ثم نفخ الروح فيها فحملت بها حمل المرأة بولدها ( الآيات من آل عمران : ٣٥ ـ ٤٤ ) .
ثم انتبذت مريم به مكاناً قصياً فأجائها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً فناداها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سرياً وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً فكلي واشربي وقري عيناً فإما ترين من البشر أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً فلن اكلم اليوم إنسياً فأتت به قومها تحمله ( سورة مريم آية ٢٠ ـ ٢٧ ) ، وكان حمله ووضعه وكلامه وسائر شؤون وجوده من سنخ ما عند سائر الأفراد من الإنسان .
فلما رآها قومها ـ والحال هذه ـ ثاروا عليها بالطعنة واللوم بما يشهد به حال امرأة حملت ووضعت من غير بعل ، وقالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً يا اخت هرون ما كان أبوك امرء سوء وما كانت امك بغياً فأشارت اليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً ؟ قال : إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً اينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً ، والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم ابعث حياً ( سورة مريم آية ٢٧ ـ ٣٣ ) فكان هذا الكلام منه عليهالسلام كبراعة الاستهلال بالنسبة الى ما سينهض على البغي والظلم وإحياء شريعة موسى عليهالسلام وتقويمه ، وتجديد ما اندرس من معارفه ، وبيان ما اختلفوا فيه من آياته .
ثم نشأ عيسى عليهالسلام وشب وكان هو وامه على العادة الجارية في الحياة البشرية يأكلان ويشربان وفيهما ما في سائر الناس من عوارض الوجود الى آخر ما عاشا .
ثم إن عيسى عليهالسلام اوتي الرسالة الى بني إسرائيل فانبعث يدعوهم الى دين التوحيد ، ويقول : اني قد جئتكم بآية من ربكم اني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله وابریء الأكمه والأبرص واحيي الموتی بإذن الله وانبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم ، إن في ذلك لآية لكم ، إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه .
وكان يدعوهم الى شريعته الجديدة وهو تصديق
شريعة موسى عليهالسلام
إلا أنه