الوحدة ونزول اللاهوت في لباس الناسوت وتحملها الصلب (١) والعذاب فدائاً ، كان دائراً بين القدماء من وثنية الهند والصين ومصر وكلدان والآشور والفرس ، وكذا قدماء وثنية الغرب كالرومان والإسكندناويين وغيرهم على ما يوجد في الكتب المؤلفة في الأديان والمذاهب القديمة .
ذكر « دوان » في كتابه « خرافات التوراة وما يماثلها في الأديان الاخرى » إذا رجعنا البصر إلى الهند نرى أن أعظم وأشهر عبادتهم اللاهوتية هو التثليث ، ويسمون هذا التعليم بلغتهم « ترى مورتى » وهي عبارة مركبة من كلمتين بلغتهم السنسكريتية « ترى » ومعناها الثلاثة و « مورتى » ومعناها هيآت أو أقانيم ، وهي « برهما ، وفشنو ، وسيفا » ثلثة أقانيم متحدة لا ينفك عن الوحدة فهي إله واحد بزعمهم .
ثم ذكر : أن برهما عندهم هو الأب وفشنو هو الابن ، وسيفا هو روح القدس .
ثم ذكر أنهم يدعون سيفاً « كرشنا (٢) » الرب المخلص والروح العظيم الذي ولد منه « فشنو » الإله الذي ظهر بالناسوت على الأرض ليخلص الناس فهو أحد الأقانيم الثلاثة التي هي الإله الواحد .
وذكر أيضاً : أنهم يرمزون للاقنوم الثالث بصورة حمامة كما يقوله النصارى .
وقال مستر « فابر » في كتابه « أصل الوثنية » كما نجد عند الهنود ثالوثاً مؤلفاً من « برهما » و « فشنو » و « سيفا » نجد عند البوذيين ثالوثاً فإنهم يقولون : إن « بوذ » إله له ثلاثة أقانيم ، وكذلك بوذيو ( جينست ) يقولون : إن « جيفا » مثلث الأقانيم .
__________________
(١) القتل بالصلب على الصليب من القواعد القديمة جداً فقد كانوا يقتلون من اشتد جرمه وفظع ذنبه بالصلب الذي هو من أشد أسباب القتل عداباً وأسوئها ذكراً ، وكانت الطريقة فيه أن يصنع من خشبتين تقاطع إحديهما الاخرى ما هو على شكل الصليب المعروف بحيث ينطبق عليه إنسان لو حمل عليه ثم يوضع المجرم عليه مبسوط اليدين ويدق من باطن راحتيه على طرفي الخشبة المعترضة بالمسامير ، وكذا تدق قدماه على الخشبة وربما شدتا من غير دق ثم تقام الخشبة بنصب طرفها على الأرض بحيث يكون ما بين قدمه إلى الأرض ما يقرب من ذراعين فيبقى الصليب على ذلك يوماً أو أياماً ثم تكسر قدماه من الساقين ويقتل على الصليب أو ينزل فيقتل بعد الانزال ، وكان المصلوب يعذب قبل الصلب بالجلد أو المثلة ، وكان من العار الشنيع على قوم أن يقتل واحد منهم بالصلب .
(٢) وهو المعبر عنه بالانكليزية « كرس » وهو المسيح المخلص .