على الإيمان والنصرة لغيرهم من النبيين الذين يدعون إلى توحيد الله سبحانه ، فالأنسب أن يبدأ بذكر الميثاق من حيث أخذه من النبيين .
وقوله : لما آتيتكم من كتاب وحكمة ، القراءة المشهورة ، وهي قراءة غير حمزة بفتح اللام والتخفيف في « لما » وعليها فما موصولة وآتيتكم ، ـ وقرأ آتيناكم ـ صلته ، والضمير محذوف ، يدل عليه قوله : من كتاب وحكمة ، والموصول مبتدأ خبره قوله : لتؤمنن به « الخ » واللام في لما ابتدائية ، وفي لتؤمنن به لام القسم ، والمجموع بيان للميثاق المأخوذ ، والمعنى : للذي آتيتكموه من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم آمنتم به ونصرتموه البتة .
ويمكن أن يكون ما شرطية وجزاؤها قوله لتؤمنن به ، والمعنى مهما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه ؛ وهذا أحسن لأن دخول اللام المحذوف قسمها في الجزاء أشهر ، والمعنى عليه أسلس وأوضح ، والشرط في موارد المواثيق أعرف ، وأما قراءة كسر اللام في « لما » فاللام فيها للتعليل وما موصولة ، والترجيح لقراءة الفتح .
والخطاب في قوله : آتيتكم ، وقوله : جاءكم ، وإن كان بحسب النظر البدؤي للنبيين لكن قوله بعد : أأقررتم وأخذتم علی ذلكم إصري ، قرينة على أن الخطاب للنبيين واممهم جميعاً أي ان الخطاب مختص بهم وحكمه شامل لهم ولاممهم جميعاً فعلى الامم أن يؤمنوا وينصروا كما على النبيين أن يؤمنوا وينصروا .
وظاهر قوله : ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ، التراخي الزماني أي أن على النبي السابق أن يؤمن وينصر النبي اللاحق ، وأما ما يظهر من قوله : قل آمنا بالله « إلخ » أن الميثاق مأخوذ من كل من السابق واللاحق للآخر ، وأن على اللاحق أن يؤمن وينصر السابق كالعكس فإنما هو أمر يشعر به فحوى الخطاب دون لفظ الآية كما سيجيء إن شاء الله العزيز .
وقوله : لتؤمن به ولتنصرنه ، الضمير الأول
وإن كان من الجائز أن يرجع إلى الرسول كالضمير الثاني إذ لا ضير في إيمان نبي لنبي آخر ، قال تعالى : « آمَنَ الرَّسُولُ
بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ
وَرُسُلِهِ الآية » البقرة ـ ٢٨٥
،