لكن الظاهر من قوله : قل آمنا بالله وبما أُنزل علينا وما أُنزل علی إبراهيم « إلخ » ، رجوعه إلى ما أوتوا من كتاب وحكمة ، ورجوع الضمير الثاني إلى الرسول ، والمعنى لتؤمنن بما آتيتكم من كتاب وحكمة ولتنصرن الرسول الذي جاءكم مصدقاً لما معكم .
قوله تعالى : قال أأقررتم وأخذتم علی ذلكم إصري قالوا أقررنا ، الاستفهام للتقرير ، والإقرار معروف ، والإصر هو العهد ، وهو مفعول أخذتم ، وأخذ العهد يستلزم مأخوذاً منه غير الآخذ وليس إلا امم الأنبياء ، فالمعنى أأقررتم أنتم بالميثاق ، وأخذتم على ذلكم عهدي من اممكم قالوا : أقررنا .
وقيل : المراد بأخذ العهد قبول الأنبياء ذلك لأنفسهم فيكون قوله : وأخذتم على ذلكم إصري عطف بيان لقوله أقررتم ، ويؤيده قوله : قالوا أقررنا من غير أن يذكر الأخذ في الجواب ، وعلى هذا يكون الميثاق لا يتعدى الأنبياء الى غيرهم من الامم ويبعده قوله : قال فاشهدوا ، لظهور الشهادة في أنها على الغير ، وكذا قوله بعد : قل آمنا بالله « الخ » من غير أن يقول : قل آمنت فإن ظاهره أنه إيمان من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبل نفسه وامته إلا أن يقال : إن اشتراك الامم مع الأنبياء إنما يستفاد من هاتين الجملتين : أعني قوله : فاشهدوا ، وقوله : قل آمنا بالله ، من غير أن يفيد قوله : وأخذتم ، في ذلك شيئاً .
قوله تعالى : قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ، ظاهر الشهادة كما مر أن يكون على الغير فهي شهادة من الأنبياء واممهم جميعاً ، ويشهد لذلك كما مر قوله : قل آمنا بالله ، ويشهد لذلك السياق أيضاً ، فإن الآيات مسوقة للاحتجاج على أهل الكتاب في تركهم إجابة دعوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما أنها تحتج عليهم في ما نسبوه إلى عيسى وموسى عليهما السلام وغيرهما كما يدل عليه قوله تعالى : أفغير دين الله يبغون ، وغيره .
وربما يقال : إن المراد بقوله : فأشهدوا ، شهادة بعض الأنبياء على بعض كما ربما يقال : إن المخاطبين بقوله : فاشهدوا ، هم الملائكة دون الأنبياء .
والمعنيان وإن كانا جائزين في نفسهما غير أن اللفظ غير ظاهر في شيء منهما بغير قرينة ، وقد عرفت أن القرينة على الخلاف .
ومن اللطائف الواقعة في الآية أن الميثاق
مأخوذ من النبيين للرسل على ما يعطيه