محكمات كما استظهره بعضهم وإلا لم يكن قولاً برأسه لصحة انطباقه على عدة من الأقوال المتقدمة .
وفيه : أن لازمه كون غير آيات الأحكام متشابهات ، ولازمه أن لا يمكن حصول العلم بشيء من المعارف الإلهية في غير الأحكام إذ لا يتحقق فيها عمل مع عدم وجود محكم فيها يرجع إليه ما تشابه منها ، ومن جهة اخرى : الآيات المنسوخة إنشائات وليست بمحكمات قطعاً .
والظاهر أن مراده من الإيمان والعمل بالمحكم والإيمان من غير عمل بالمتشابه ما يدل عليه لفظ الآية : فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ، إلا أن الأمرين أعني الايمان والعمل معاً في المحكم والإيمان فقط في المتشابه لما كانا وظيفتين لكل من آمن بالكتاب كان عليه أن يشخص المحكم والمتشابه قبلاً حتى يؤدي وظيفته ، وعليهذا فلا يكفي معرفة المحكم والمتشابه بهما في تشخيص مصداقهما وهو ظاهر .
الثاني عشر : أن المتشابهات هي آيات الصفات خاصة أعم من صفات الله سبحانه كالعليم والقدير والحكيم والخبير ، وصفات أنبيائه كقوله تعالى في عيسى بن مريم عليهما السلام : « وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ » النساء ـ ١٧١ ، وما يشبه ذلك ، نسب إلى ابن تيمية .
وفيه : أنه مع تسليم كون آيات الصفات من المتشابهات لا دليل على انحصارها فيها .
والذي
يظهر من بعض كلامه المنقول على طوله :
أنه يأخذ المحكم والمتشابه بمعناهما اللغوي وهو ما احكمت دلالته وما تشابهت احتمالاته والمعنيان نسبيان فربما
اشتبهت دلالة آية على قوم كالعامة وعلمها آخرون بالبحث وهم العلماء ، وهذا المعنى في آيات الصفات أظهر فإنها بحيث تشتبه مراداتها لغالب الناس لكون أفهامهم قاصرة عن الارتقاء إلى ما وراء الحس ، فيحسبون ما أثبته الله تعالى لنفسه من العلم والقدرة
والسمع والبصر والرضا والغضب واليد والعين وغير ذلك اموراً جسمانية أو معاني ليست بالحق ، وتقوم بذلك الفتن ، وتظهر البدع ، وتنشأ المذاهب ، فهذا معنى المحكم