الطول : فقيل : إنها لوازم معنى اللفظ إلا أنها لوازم مترتبة بحيث يكون للفظ معني مطابقي وله لازم وللازمه لازم وهكذا ، وقيل : إنها معان مترتبة بعضها على بعض ترتب الباطن على ظاهره ، فإرادة المعنى المعهود المألوف إرادة لمعنى اللفظ وإرادة لباطنه بعين إرادته نفسه كما أنك إذا قلت : اسقني فلا تطلب بذلك إلا السقي وهو بعينه طلب للإرواء ، وطلب لرفع الحاجة الوجودية ، وطلب للكمال الوجودي وليس هناك أربعة أوامر ومطالب ، بل الطلب الواحد المتعلق بالسقي متعلق بعينه بهذه الامور التي بعضها في باطن بعض والسقي مرتبط بها ومعتمد عليها .
وهيهنا قول رابع : وهو أن التأويل ليس من قبيل المعاني المرادة باللفظ بل هو الأمر العيني الذي يعتمد عليه الكلام ؛ فإن كان الكلام حكماً إنشائياً كالأمر والنهي فتأويله المصلحة التي توجب إنشاء الحكم وجعله وتشريعه ، فتأويل قوله : أقيموا الصلاة مثلاً هو الحالة النورانية الخارجية التي تقوم بنفس المصلي في الخارج فتنهاه عن الفحشاء والمنكر ، وإن كان الكلام خبرياً فإن كان إخباراً عن الحوادث الماضية كان تأويله نفس الحادثة الواقعة في ظرف الماضي كالآيات المشتملة على أخبار الأنبياء والامم الماضية فتأويلها نفس القضايا الواقعة في الماضي ، وإن كان إخباراً عن الحوادث والامور الحالية والمستقبلة فهو على قسمين : فإما أن يكون المخبر به من الامور التي تناله الحواس أو تدركه العقول كان أيضاً تأويله ما هو في الخارج من القضية الواقعة كقوله تعالى : « وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ » التوبة ـ ٤٧ ، وقوله تعالى : « غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ » الروم ـ ٤ . وإن كان من الامور المستقبلة الغيبية التي لا تناله حواسنا الدنيوية ولا يدرك حقيقتها عقولنا كالامور المربوطة بيوم القيامة ووقت الساعة وحشر الأموات والجمع والسؤال والحساب وتطائر الكتب ، أو كان مما هو خارج من سنخ الزمان وإدراك العقول كحقيقة صفاته وأفعاله تعالى فتأويلها أيضاً نفس حقائقها الخارجية .
والفرق بين هذا القسم أعني الآيات المبينة
لحال صفات الله تعالى وأفعاله وما يلحق بها من أحوال يوم القيامة ونحوها وبين الأقسام الاخر أن الأقسام الاخر يمكن حصول العلم بتأويلها بخلاف هذا القسم ، فإنه لا يعلم حقيقة تأويله إلا الله تعالى
، نعم يمكن ان بناله الراسخون في العلم بتعليم الله تعالى بعض النيل على قدر ما تسعه عقولهم
،