الناطقة
بالتحريف والسقط فيهما ، قال تعالى : « وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي
إِسْرَائِيلَ
إلى ان قال : وَجَعَلْنَا
قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا
مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ
إلى ان قال : وَمِنَ
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا
مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ الآية » المائدة ـ ١٤ . قوله
تعالى : وأنزل التوراة والإنجيل من قبل
هدی للناس ، التوراة كلمة عبرانية بمعنى الشريعة ، والإنجيل لفظ يوناني ، وقيل فارسي الأصل معناه البشارة ، وسيجيء استيفاء البحث عن الكتابين في قوله تعالى : « إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا
هُدًى وَنُورٌ الآيات » المائدة ـ ٤٤ . ومما أصر عليه القرآن تسميه كتاب عيسى عليهالسلام بالإنجيل بصيغة الافراد
والقول بأنه نازل من عند الله سبحانه ، مع أن الاناجيل كثيرة ، والمعروفة منها أعني الأناجيل
الأربعة كانت موجوده قبل نزول القرآن وفي عهده ، وهي التي ينسب تأليفها إلى لوقا ومرقس ومتى ويوحنا ، ولا يخلو ما ذكرناه من إفراد الاسم والتوصيف بالنزول عن دلالة على التحريف والإسقاط ، وكيف كان لا يخلو ذكر التوراة والانجيل في هذه الآية وفي أول السورة من التعريض لليهود والنصارى على ما سيذكره من أمرهم وقصص تولد عيسى ونبوته ورفعه . قوله
تعالى : وأنزل الفرقان ، الفرقان ما يفرق به بين
الحق والباطل على ما في الصحاح ، واللفظ بمادته يدل على الأعم من ذلك ، وهو كل ما يفرق به بين شيء وشي . قال تعالى : « يَوْمَ
الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ
» الأنفال ـ ٤١ ، وقال تعالى : « يَجْعَل
لَّكُمْ فُرْقَانًا » الأنفال ـ ٢٩ . وإذا
كان الفرق المطلوب عند الله فيما يرجع إلى معنى الهداية هو الفرق بين الحق والباطل في العقائد والمعارف وبين وظيفة العبد وما ليس بوظيفة له
بالنسبة إلى الأعمال الصادرة عنه في الحياة الدنيا انطبق معناه على مطلق المعارف الأصلية والفرعية التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه بالوحي ، أعم من الكتاب وغيره
. قال تعالى : « وَلَقَدْ
آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ
» الأنبياء ـ ٤٨ ، وقال تعالى : « وَإِذْ
آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ
» البقرة ـ ٥٣ ، وقال تعالى « تَبَارَكَ
الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا
» الفرقان ـ ١ . وقد عبر تعالى عن هذا المعنى بالميزان في
قوله : « لَقَدْ
أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ