اللغة فقد ذكروا في وجه الفرق بينه وبين الاستصحاب بان المتيقن في الاستصحاب سابق على المشكوك بينما يكون المشكوك هو المتقدم زمانا على المتيقن في أصالة الثبات حيث يعلم بالمدلول اللغوي في الحال ويشك فيه في زمان صدور النص فيبنى على الثبات وان هذا المعنى بنفسه كان ثابتا في السابق.
والواقع ان هذا الأصل العقلائي مرجعه إلى أصالة الثبات وغلبة بقاء اللغة على معناها ولو من جهة بطء تغير المداليل اللغوية عبر الحياة المنظورة لإنسان واحد ، فمرجع هذا الاستصحاب إلى استصحاب بقاء الحالة السابقة غاية الأمر باعتبار أمارية ذلك عند العقلاء وثبوت لوازمها إذا كان المدلول اللغوي معلوما اليوم وشك في مدلوله في الزمن السابق ثبت بالملازمة انه كان نفس المدلول والا لزم وقوع النقل والتغيير في اللغة.
واما قاعدة اليقين فقد ذكروا ان فرقها عن الاستصحاب ان الأخير متقوم بالشك في البقاء بعد القطع بالحدوث واما قاعدة اليقين فيسري الشك فيها إلى نفس ما تعلق به اليقين أي المتيقن السابق ويصيره مشكوكا.
وهذا الفرق صحيح وان كان ينبغي تمحيصه بان الاستصحاب لا يتقوم بالشك في البقاء بل بالشك في شيء فرغ عن ثبوته ، وثمرته تظهر فيما إذا علمنا إجمالا بحدوث شيء اما الآن أو قبل ساعة وعلى تقدير حدوثه قبل ساعة يحتمل بقاؤه فانه هنا يجري الاستصحاب رغم ان الشك في البقاء ليس فعليا على كل تقدير ، لأنه شك في ثبوت شيء فرغ عن ثبوته وهو يكفي لصدق نقض اليقين بالشك ، نعم لو كان الشيء اما ثابتا في الزمن الأول فقط أو في الزمن الثاني لم يمكن إجراء الاستصحاب لإثبات وجوده في الزمن الثاني لأن هذا الشك يرى عرفا مقوما للعلم الإجمالي حيث ان أحد طرفي العلم الإجمالي ثبوته في الآن الأول المساوق بالفرض لعدم ثبوته في الآن الثاني فلا يصدق نقض اليقين بالشك إذا ما رفع يده عن ذلك (١).
كما ان هناك فرقا بين قاعدة اليقين والاستصحاب في ملاك الاعتبار
__________________
(١) سوف يأتي في استصحاب اليوم الأول من الشهر كفاية هذا المقدار أيضا في جريان الاستصحاب وصدق نقض اليقين بالشك فلا يحتاج إلى البقاء على أحد التقديرين.