لأن الجري العملي على طبق المتيقن لا ربط له بآثار اليقين الموضوعي ان فرض إرادة نقض المتيقن عملا ، وان أريد نقض اليقين بما هو يقين لا بلحاظ الجري العملي فلا وجه لاشتراط إحراز المقتضي للمتيقن في المقام السابق فالجمع بين قيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي والاختصاص بالشك في الرافع يستبطن تناقضا.
وهذا الإشكال نشأ من تصور ان المحقق النائيني يحمل النهي في أدلة الاستصحاب على النهي التحريمي عن النقض العملي ، مع انك عرفت في التقريب الثالث المتقدم انه يحمله على الكنائية والإرشاد إلى التعبد ببقاء اليقين فلا تهافت ، توضيح ذلك : ان النقض وان أريد منه نقض الجري العملي الّذي هو من آثار المتيقن الا ان النهي عن نقض الجري العملي لا يراد منه نهي تحريم بل نهي إرشاد وكناية عن التعبد بالبقاء ، والأمر المرشد إليه وان كان يمكن ان يكون بقاء المتيقن لا اليقين ومعه لا يترتب آثار القطع الموضوعي على الاستصحاب الا ان المحقق النائيني ( قده ) يشخص المرشد إليه في بقاء اليقين ، باعتبار ان الحجيات المجعولة عقلائيا يكون بمعنى جعل الطريقية والعلمية فكأن ارتكازية ذلك في موارد يراد فيها جعل الحجية بمعنى إثبات الواقع بنفسها القرينة على تعيين ان المراد الجدي هو التعبد ببقاء اليقين والعلم وجعله لا التعبد ببقاء المتيقن ظاهرا (١) فيترتب عليه آثار القطع الطريقي والموضوعي معا لا محالة في الوقت الّذي يكون المدلول المطابقي غير شامل لموارد الشك في المقتضي لأن المراد بنقض اليقين نقض الجري العملي لليقين المتوقف بحسب الفرض على إحراز مقتضي البقاء للمتيقن.
وقد يناقش التقريب المتقدم عن المحقق النائيني ( قده ) لقيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي بأن مفاد الحديث بعد ان كان كنائيا وإرشادا إلى التعبد ببقاء اليقين فلا دليل على إرادة أكثر من التعبد ببقاء اليقين في إثارة الطريقية والجري العملي منه ، واما التعبد ببقائه بلحاظ الأثر الموضوعي فبحاجة إلى مئونة زائدة لا شاهد عليها ولا يمكن إثباتها بالإطلاق ومقدمات الحكمة لأن الإطلاق ينفي القيد عن المدلول
__________________
(١) هذا الارتكاز في باب جعل الطريقية والعلمية وتتميم الكشف كما في الأمارات معقول الا ان المفروض ان المجعول في باب الاستصحاب حتى عند الميرزا المحركية والجري العملي ومن هنا لم تكن مثبتاته حجة ومثل هذا الجعل ليس ارتكازيا عند العقلاء لأنه من التعبد الصرف.