كان هو الطريقية والكاشفية فيترتب عليها لا محالة حجية اللوازم لكون كاشفية العلم بشيء عن لوازمه من الآثار العقلية المترتبة على كاشفيته لذلك الشيء بخلاف اقتضاء العلم للجري العملي على طبق المعلوم المجعول في باب الأصول فان الجري العملي على طبق اللوازم ليس من آثار الجري العملي على طبق المعلوم بل بينهما تلازم من باب الملازمة بين مقتضيهما أعني العلم بالشيء والعلم بلوازمه.
الا ان هذا التقريب لا ينسجم مع تصورات المحقق النائيني ( قده ) في باب جعل الطريقية ، لأنه يفترض تنزيل الأصل والأمارة منزلة العلم في الآثار واللوازم الشرعية والعقلية وهو لا يرى ذلك لاستحالة التنزيل بلحاظ أحكام غير الشارع من قبل الشارع ، وانما يرى ان المجعول هو الطريقية والعلمية ابتداء لا بملاك التنزيل والنّظر إلى الآثار ، نظير المجاز الادعائي السكاكي ، وعندئذ يترتب عليه تلك الآثار للعلم التي تكون أثرا للجامع بين الفرد الحقيقي والتعبدي منه ومنها المنجزية والمعذرية دون انكشاف اللوازم فانه أثر للانكشاف الحقيقي دون التعبدي.
والصحيح : وجود فرق جوهري ثبوتي بين الأمارات والأصول يصلح ان يكون منشأ للفرق بينهما في مسألة حجية مثبتات الأمارة دون الأصل ، وليس الفرق المذكور من ناحية جعل الطريقية والكاشفية أو المحركية والجري العملي ، بل قد عرفت بما لا مزيد عليه في بحوث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي وبحث حقيقة الأصل العملي ان هذه الفروق المدعاة في كلمات الميرزا ( قده ) ليست فروقا جوهرية بل صياغية ترتبط بلسان الدليل ، وهذه الفروق الصياغية وان كان قد يترتب عليها بعض النتائج الا ان هذه المسألة ليس منها.
وانما الفرق الثبوتي بين الأمارات والأصول ما أشرنا إليه في بحث حقيقة الحكم الظاهري من انه عبارة عن الحكم الصادر من قبل المولى في مقام الحفظ على الأهم من الملاكات والأغراض المولوية الواقعية الإلزامية والترخيصية المتزاحمة فيما بينها وترجيح الأهم منهما على المهم ، الا ان هذا الترجيح قد يكون على أساس قوة الاحتمال محضا بحيث يكون الحكم الظاهري نسبته إلى الأحكام الإلزامية والترخيصية على حد واحد فكما يثبت حكما ترخيصيا يثبت حكما إلزاميا ولا تكون اية خصوصية غير درجة الكشف دخيلة في جعله ، وهذا هو حقيقة الأمارة سواء جعلت بلسان