الثاني فلأن هذا هو المستفاد من لسان أدلة الحجية وهو المتطابق مع الارتكاز العقلائي الّذي هو الأساس في إثبات حجيتهما فانه يقضي بان تمام الملاك في الحجية انما هو درجة الكاشفية النوعية وقوتها من دون دخالة نكتة نفسية في ذلك أصلا.
كما انه لا إشكال في مثل أصالة الحل والاحتياط ان الملحوظ في جعلهما نوعية الحكم المحتمل من الحلية في الأول والإلزام في الثاني فلا يمكن إثبات لوازمهما على مقتضى القاعدة ، فلو فرض الملازمة بين حلية العصير العنبي ووجوب الدعاء عند رؤية الهلال مثلا فلا يثبت الثاني بإجراء أصالة الحل في الأول لاختلاف نوعية الحكم ، وأصالة الحل ترجيح للحكم الترخيصي على الإلزامي في موارد الاشتباه لأهمية فيه وهو ليس محفوظا في اللازم وليس دليل أصالة الحل يقتضي أكثر من إثبات الحلية المحتملة في مورد الشك.
واما مثل قاعدة الفراغ فقد لوحظ فيها كل من قوة الاحتمال ونوع المحتمل وهو الصحة ولكن قد أخذ في موضوعه الفراغ عنه مما يمكن ان تكون لها مدخلية في الحكم بالصحّة ، ولهذا لا يمكن التعدي إلى الحكم بصحة صلاة لم يفرغ بعد منها ولو فرضت الملازمة بين صحتها واقعا وصحة الصلاة التي فرغ عنها ، وكذلك أية خصوصية أخرى نفسية أو طريقية احتمل دخالتها في الحكم الظاهري بالصحّة المجعول في القاعدة فانه بانتفائها في اللازم لا يمكن الحكم بالصحّة فيه وان فرض وحدة نوع المحتمل ، كما انه لا ظهور في دليل القاعدة يقتضي ترتيب كل تلك اللوازم.
واما الاستصحاب وان لم يكن قد لوحظ فيه نوعية المحتمل لأنه لا بشرط من حيث نوع الحكم المؤدي إليه كالخبر والظهور ، كما انه ربما تكون قوة الاحتمال والكشف النوعيّ ولو الضعيف ملحوظا في حجيته ، الا ان احتمال أخذ خصوصية ونكتة نفسية في حجيته ولو نكتة الثبوت سابقا أو اليقين السابق بحيث لا يمكن إلغاء ذلك بعد ان كان دليل حجيته ظاهرا في اعتباره متجه كما ان الارتكاز لا يقتضي إلغاء ذلك ان لم نقل باقتضائه ملاحظته ، حيث تقدم ان بناء العرف على الاستصحاب لا يستبعد ان يكون لما فيه من حالة الأنس والانسباق مع الوضع السابق والميل النفسيّ نحوه لا لمجرد الكاشفية وقوة الاحتمال ، وهكذا يثبت حجية مثبتات الأمارات على القاعدة دون