العلماء لها حتى قال بعضهم انه لولاه لاختل نظام المعاش وهو كذلك إذ كثير من الأمور تمشي ببركة هذه الغفلة ولولاه لاضطرب نظام المعاش بين الناس لو أريد إقامته على أساس الاحتياط أو الظن المعتبر.
هذا ولكن لا بد من البحث في ان هذه السيرة كيف يمكن تصويرها بحيث يكون عدم الردع عنها دليلا على إمضاء الاستصحاب شرعا ، فنقول بالإمكان تصوير ذلك بأحد أنحاء ثلاثة :
١ ـ دعوى سريان السيرة والجري العملي الثابت لدى العقلاء في أغراضهم التكوينية إلى موارد الأفعال والأحكام الشرعية بعد دخولها في محل ابتلاء الناس وإن هذا حصل في عصر الشارع نفسه.
٢ ـ دعوى إن تلك السيرة وان فرض عدم الجزم بسريانها إلى دائرة الأحكام الشرعية الا انها على أية حال تشكل خطرا على أغراض المولى لكونها في معرض أن تسري إليها فلو لم يرض الشارع بذلك لردع عنها في هذا المجال.
٣ ـ دعوى ثبوت هذه السيرة عند العقلاء في دائرة الأحكام الثابتة بين الموالي العرفية كأوامر الأب لابنه أو السيد لعبده ، وهذا أيضا بنفسه يهدد الأغراض الشرعية المولوية فلو لم يكن الشارع راضيا بذلك لردع عنها.
والتحقيق : ان الدعوى الأولى والثالثة لا جزم بهما ، وقد يستشهد على ذلك بدعوى الأخباريين الإجماع على عدم حجية الاستصحاب الا ان التقريب الثاني يكفي لإثبات صغرى السيرة.
هذا كله في صغرى السيرة ، واما الكلام في الكبرى فما يتصور كونه رادعا عن السيرة انما هو الأدلة الناهية عن العمل بغير العلم وأدلة البراءة أو الاحتياط ، والمحقق الخراسانيّ ( قده ) قد اعترف في المقام بإمكان رادعية هذه الأدلة عن السيرة رغم إنكاره ذلك في بحث حجية خبر الواحد ، ومن هنا اعترض المحقق النائيني ( قده ) عليه بأنه لا وجه للتفرقة بين المقامين.
اقول : اما البحث عن رادعية هذه الأدلة فقد فصلنا الكلام فيه في مبحث خبر الواحد ، وانما نبحث هنا عن إمكان رادعيتها عن السيرة المدعاة على الاستصحاب بعد الفراغ عن عدم رادعيتها عن السيرة على حجية خبر الواحد لإثبات الفرق بين