الوجه الأول ـ استصحاب الجامع بين الحكمين الواقعي أو الظاهري المعلوم حدوث أحدهما إجمالاً والمحتمل بقاءه ولو ضمن الحكم الواقعي.
ويرده : إنَّه تارة يقال ـ بأنَّ الحكم الظاهري جعل مماثل للواقع مستقل عن الواقع قد يصادفه فيماثله وقد لا يصادفه ، وأخرى يقال ـ بأنَّ الحكم الظاهري ليس له وجود مستقل في مقابل الواقع بل هو مجرد أمر طريقي بحت كما هو المنسجم مع تصورات مدرسة المحقق النائيني ( قده ) ، وثالثة يقال ـ بأنَّ الحكم الظاهري عند مصادفته للواقع يكون مندكاً فيه وعند عدم مصادفته يكون مستقلاً.
فعلى الأول ، يكون المورد من استصحاب الكلي من القسم الثالث ، إذ يعلم بتحقق الحكم الظاهري المستقل في قبال الواقع كما يعلم بارتفاعه وانما يشك في بقاء الجامع ضمن الفرد الواقعي المحتمل وجوده من أول الأمر. والتحقيق عدم جريان الاستصحاب فيه وإن ذهب إليه الشيخ الأعظم ( قده ).
وعلى الثاني ، لا يجري استصحاب الجامع لأنه مشكوك الحدوث من أول الأمر والحكم الظاهري لا يحقق فرداً منه بحسب الفرض.
وعلى الثالث ، وإن كان استصحاب الجامع من القسم الثاني لأنَّ الواقع إذا كان فالجامع باقٍ وإلاّ فالجامع مرتفع ضمن فرد قصير هو الحكم الظاهري المماثل ويعلم إجمالاً بأحد الفردين لا أكثر إلاّ انَّ هذا معناه العلم إجمالاً بحدوث حكم اما هو الواقعي الباقي أو الظاهري المخالف للواقع المرتفع ، ومثل هذا العلم بالجامع ليس بحجة وذلك :
أولا ـ لما تقدمت الإشارة إليه في بعض البحوث السابقة وسوف يأتي في بحث استصحاب الكلي من أنَّ العلم بجامع حكم مردد بين ما هو مرتفع فعلاً أو باق لا يكون علماً بحكم منجز لكي يجري استصحابه فينجز لأنَّ أحد فردي هذا الجامع للحكم غير قابل للتنجيز فيكون الجامع بينه وبين ما يقبل التنجيز غير منجز أيضاً.
وثانياً ـ ان الحكم الظاهري المخالف للواقع بما هو مخالف للواقع غير قابل للتنجيز أيضاً بناءً على الطريقية في جعل الأحكام لا السببية فيكون هذا العلم الإجمالي علماً بالجامع بين ما لا يقبل التنجيز وما يقبل فلا يكون منجزاً من هذه الناحية أيضاً.